حدث من قتال أو نضال كان صراعا بين العنصر الآرى فى إيران والسامية فى الجزيرة العربية، الأمر الذى انتهى بانتصار الفرس على العرب، وإقامة إمبراطورية إيرانية جديدة ترتدى عباءة إسلام صُبغ بالصبغة الفارسية، فيما يقول "فلهوزن" Welkhausen وهناك للوهلة الأولى الكثير الذى يؤيد هذه النظرية مثل الدور الذى لاشك فيه للفرس فى الثورة ذاتها، والمكانة البارزة للوزراء الفرس ورجال البلاط الفرس فى النظام الجديد، والعناصر الفارسية القوية فى الحكومة العباسية والثقافة وليس غريبا أن نرى بعض الروايات تحمل المعنى نفسه فى المصادر العربية (المسعودى فى المروج -والجاحظ فى البيان والتبيين ١٨١ - ٢٠٦) - ومع ذلك فإن الكتاب المحدثين جدا قد أدخلوا بعض التعديلات المهمة على النظريات التى تتعلق بانتصار الفرس وهزيمة العرب -فالمذهب الشيعى- الذى كان يعتبر لفترة طويلة تعبيرا عن الوعى القومى الإيرانى، وكان من أصل عربى، وكان مركزه الرئيسى بين السكان والمخلّطين من العرب والآراميين والفرس فى جنوبى العراق، وقد أخذ العرب هذا المذهب إلى فارس وأصبح أقوى ما يكون فى مناطق الاستيطان العربى مثل "قُم" وقد كانت ثورة أبى مسلم موجهة ضد الحكم الأموى والسورى وليس العربى، وكسبت تأييد الكثيرين من العرب وعلى الأخص بين أهل اليمن -وكان هناك الكثيرون من العرب، حتى بين قادتها ومن بينهم القائد قحطبة، وبالرغم من أن الخصومات العنصرية قد لعبت دورها فى الحركة، وبالرغم من أن الفرس كانوا متميزين بين المنتصرين، إلا أنهم خدموا سلالة عربية وكان الحكام يعطونهم فرصة ضئيلة للتفكير قبل إعدامهم، وذلك عندما يصطدمون بهم، وهذا ما يؤكده مصير أبى مسلم وأبى سلمة والبرامكة، وقد حدث فى بادئ الأمر أن احْتُجِزَت الكثير من المناصب الرفيعة فى الدولة للعرب، وكانت اللغة العربية لا تزال هى اللغة الرسمية الوحيدة، كما أن الأراضى العربية ظلت ذات امتيازات مالية، وبقى مبدأ تفوق العنصر العربى قويا وذلك حتى يحفزوا الفرس على أن يوفروا لأنفسهم سلالة