ونسبا عربيا مزيفا وملفقا، وأيضا لإثارة رد الفعل القومى للشعوبية، ولكن ما فقده العرب هو الحق الخالص لهم فى أن يجنوا ثمار السلطة. فقد جاء الفرس والعرب أيضا إلى البلاط العباسى، وكان الحاكم يعبر عن تفضيله لشخص ما بأن يمنحه حق الانتساب إلى البيت الحاكم، وليس لانحداره الخالص من أصل عربى. وكان ذلك جواز المرور إلى السلطة والهيبة. وإذا كنا نريد تعبيرا يتلاءم مع المملكة العربية آنئذ، فيمكن أن نبحث عنه فى التوقف التدريجى عن المنح والهبات والمعاشات التى كانت تمنح من قبل كحق للمحاربين العرب وأسرهم، وأيضا نبحث عنه فى صعود الحرس الترك إلى مواقع السلطة والنفود بدءا من عهد المعتصم.
ويجب أن ننظر إلى المغزى الحقيقى لانتصار العباسيين فى حقائق التغيير التى أعقبت ذلك، وقد كان أكثرها وضوحا تحول مركز الثقل والجاذبية من سوريا إلى العراق، المركز التقليدى للامبراطوريات الكبيرة فى الشرق الأوسط القديم وللحضارة وقد أسس السفاح، الخليفة العباسى الأول، عاصمته فى مدينة الهاشمية الصغيرة، التى بناها على الضفة الشرقية لنهر الفرات بالقرب من الكوفة وبعد ذلك نقل العاصمة إلى الأنبار -وقد كان شقيقه وخليفته المنصور- وهو فى كثير من النواحى المؤسس الحقيقى للخلافة العباسية، فهو الذى أسس العاصمة الدائمة للدولة فى مدينة جديدة على الضفة الغربية لنهر دجلة بالقرب من أطلال طيْسَفُون (المدائن) وعند تقاطع عديد من طرق التجارة، وكان اسمها الرسمى مدينة السلام ولكنها تعرف عادة باسم المدينة الصغيرة التى كانت تحتل هذا المكان من قبل -أى بغداد ومن هذه المدينة -أو مجاورتها- حكمت الأسرة العباسية فى أول الأمر، ثم أمسكت بالسلطة بعد ذلك للجزء الأكبر من العالم الإسلامى لمدة خمسة قرون. ويمكن أن تنقسم هذه الفترة من سلطان هذه الأسرة التى تغطى الجزء الأكبر من الحضارة الإسلامية التقليدية إلى جزءين: الأول من ١٣٢ هـ/ ٧٥٠ م إلى ٣٣٤ هـ/ ٩٤٥ م وقد شهد الضعف التدريجى لسلطة الخلفاء، وارتفاع شأن