للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هى الأخرى ترحب بالسلام، على أن السلطان العثمانى الجديد لم يكن راغبًا فى إنهاء الحرب دون أن يحرز بعض النصر. ومن ثم فقد رفض الباب العالى قبول الاقتراحات الروسية لعقد مفاوضات من أجل السلم، فعاد القتال من جديد بين الطرفين ودارت الدائرة على الجيش التركى وأصيب بهزيمة فادحة فى وقعة "قوزليجق (١) " وامتد الشغب إلى مراكز قيادة الوزير الأعظم "محسن زاده محمد باشا"، فى "شوملا" مما حمله رغم أنفه على السعى حثيثًا فى طلب الصلح مع القائد الروسى "روماتروف"، فلما كان يوم ١٢ جمادى الأولى سنة ١١٨٨ هـ (٢١ يوليو ١٧٧٤ م) أمضى فى قينارجه Kaynarja (٢) اتفاقية الصلح التى وضعت نهاية لهذه الحرب وأملى الروس على تركيا شروط هذه الاتفاقية والتى بمقتضاها انفصلت القرم عن الدولة العثمانية وأصبحت بلدًا مستقلًا وآلت إلى روسيا جميع القلاع الواقعة على شاطئ بحر أزوف (أزاف) ومناطق "كبرتاى" الصغرى والكبرى والمنطقة الواقعة بين نهرى "دينيبروَبجْ" كما نصت الاتفاقية على حرية الملاحة فى البحر الأسود والسماح للسفن التجارية بالمرور عبر المضايق التركية، وقبلت تركيا هذه الشروط. على أن أخطر بنود هذه الاتفاقية على تركيا هو صياغة بعض عباراتها فى صورة يفهم منها أن يكون لروسيا الحق فى حماية رعايا الدولة العثمانية الذين يدينون بالمذهب الأرثوذكسى وفى مقابل ذلك اعترفت روسيا بسلطة السلطان العثمانى على جميع المسلمين باعتباره "الخليفة" وقد اغتنمت النمسا الفرصة (بعد عقد هذه الاتفاقية) واستغلت ضعف تركيا وضمت إليها سنة ١٧٧٥ م "بيكوفينا" التى هى جزء من إمارة "مولدافيا".

كذلك اندلعت الحرب سنة ١٧٧٤ م بين تركيا وفارس إثر الهجوم الفارسى على كردستان، كما جاءت العساكر العثمانية إلى بغداد سنة ١١٧٥ هـ لغرض وضع نهاية لحكم المماليك، لكن الباب العالى اضطر للاعتراف رسميًا


(١) فى رومانيا الحالية.
(٢) فى رومانيا الحالية.
(لجنة المراجعة)