ولقد أمكن فى مستهل ولاية عبد الرحمن (الثانى) بن هشام إخماد بعض الفتن التى كانت رد فعل لقبضة الحكم الحديدية فى حكم الأندلس، ودخلت أقاليم شرقى الأندلس كلها بالتدريج تحت حكمه، وتأسست فى سنة ٢١٦ هـ (٨٣١ م) مدينة جديدة هى "مرسية" لتحل محل المدينة القديمة "ايللو" Ello، كما أمكن إخماد فتنة ضارية فى طليطلة وتم الاستيلاء على البلد بالعنف سنة ٢٢٢ هـ (٨٣٧ م)، وعاود أمير قرطبة محاربته للنصارى الموجودين على حدود الأندلس، ولم يكد يمر عام بدون أن يقوم عبد الرحمن الثانى بنفسه بقيادة حملة أو يرسل صائفة من الصوائف (*) ضد مملكة ليون الأشتورية، كما أنه تمكن من التغلب على ثورة محمود بن عبد الجبار البربرى فى "ماردة"، وقضى على التحركات الصغيرة التى قامت بها أسرة "بنى قصى" فى أراجون وأخذ يشن غاراته فى أوقات منتظمة ضد مملكة الباشكنس فى بمبلونه وما يعرف الآن بكتالونيا (قطالونيا)، التى كانت حينذاك جزءا من امبراطورية الفرنجة.
وشهد عهد عبد الرحمن الثانى أثارًا سياسية هامة منها قيام علوج نصارى طليطلة وقرطبة بالثورة التى كان يؤججها رجال من رجال الدين المتعصبين. وتُمْسِك المصادر العربية عن الإشارة إلى هذه الفتنة ولكن تخبرنا بها المصادر اللاتينية المعاصرة وإن كانت قليلة، وقد عالجت حكومة قرطبة هذه الفتنة بالشدة فبطشت بعدد كبير من المولدين والقسس والعلمانيين والرجال والنساء ومن اتُّهِموا عندها بالتجديف فى الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] والهجوم على الإسلام واندلعت فى هذا الوقت حركة استشهاد ذاتية قضى عليها فى سنة ٢٣٨ هـ (٨٦٢ م) مجمع عقد فى قرطبة وكان على رأسه مطران أشبيلية. ثم حدث بعد ذلك بسبع سنوات أن قام القديس خولوجس (Eloges) فبعث هذه الحركة من جديد، ولكن تم القبض عليه وأمر الأمير محمد بقطع رأسه.