أما الحركة التى كانت أشد خطورة فتتمثل فى غارة النورمنديين عام ٢٣٠ هـ (٨٤٤ م) على الأندلس حين ظهر لأول مرة أمام لشبونة أسطول "النورمنديين"(المسمون عادة بالمجوس فى الحوليات العربية) فدخل نهر الوادى الكبير وخرب أشبيلية وكل ما حولها، فبادرت الدولة لردِّه مما أسفر عن سفك كثير من الدماء كما استردت الحكومة بلدة اشبيلية من أيدى القراصنة وذلك فى نهاية صفر ٢٣٠ هـ (١٤ نوفمبر ٨٤٤ م)، ثم اهتمت الدولة بتقوية البحرية الإسلامية الأندلسية دفعا لأى خطر غير متوقع ودرءًا لأى هجوم جديد.
ولقد قام عبد الرحمن (الثانى) بتأكيد العلاقات الودية بثلاث من الممالك الصغيرة المستقلة فى الساحل الأفريقى وهى مملكة بنى رستم فى تاهرت، ومملكة "نكور" الصنهاجية، ومملكة سجلماسة المدرارية، ولكن لم يحدث أى تقدم تجاه أغالبة افريقية المشايعين لبنى العباس، وكانوا قد هاجموا صقلية.
ويؤرخ عهد عبد الرحمن بن الحكم أيضا قيام علاقات دبلوماسية بين قرطبة وبيزنطة، فجاءت إلى اسبانيا فى سنة ٢٢٥ هـ (= ٨٤٠ م) سفارة من الإمبراطور تيوفيليوس تطالب برد جزيرة أقريطش (كريت) التى كانت قد احتلها المغامر الأندلسى أبو حفص عمر البلوطى، فلم تستجب حكومة قرطبة لهذه السفارة، ولكن ذهبت إلى القسطنطينية حينذاك وفادة قرطبية كان من أعضائها الشاعر الغزال.
ولقد عرف عبد الرحمن (الثانى) بن الحكم بحبه العظيم للتنظيم والادارة وتشجيعه الآداب وعطفه على الفنون، فرتب أمور المملكة وفق نظام بنى الهباس، شيد كثيرا من المبانى العامة فى قرطبة، وزاد فى مساحة المسجد الجامع بالعاصمة سنتى ٢١٨ هـ و ٢٣٤ هـ (= ٨٣٣ م و ٨٤٨ هـ)، وسرعان ما ازداد تألق شهرته حين وفد إلى قرطبة (٢٠٧ هـ = ٨٢٢ م) المغنى الموسيقى زرياب فلقى ترحابا كبيرا فى بلاطها لإدخاله مظاهر الحضارة البغدادية، كما زخر بلاط