الشعر والرحلة والتأليف، وله كتب ضخمة فى شتى المواضيع، وكان مولده بدمشق يوم الخامس من ذى الحجة سنة ١٠٥٠ هـ (= ١٩ مارس ١٦٤١ م)، وكان شخصية قيادية على أيامه فى حياة الشام الدينية والأدبية، وقد نشأ فى أسرة شافعية المذهب (رغم تحول الغالبية إلى المذهب الحنفى)، واستقرت عائلته بدمشق منذ زمن بعيد، وينعت جده الأكبر لأبيه فى كتابه الخلاصة بشيخ مشايخ الشام، وقد شغف عبد الغنى منذ سنواته الأولى بالتصوف فتبع الطريقة القادرية والنقشبندية، ويؤثر عنه أنه لما كان فى صدر شبابه حبس نفسه فى داره سبع سنوات متتاليات انكب خلالها على النظر فى أعمال ابن العربى وابن سبعين وعفيف الدين التلمسانى، ولقد كان مؤلفه الذى وضعه فى صغره والمسمى "بالبديعية" فى مدح النبى عليه الصلاة والسلام آية فى الإبداع حتى لقد ساور الشك بعض الناس فى أن يكون هذا الكتاب من تأليفه حقا، ولم يخلصه من ريبة الناس هذه إلا ما كتبه من تعليق عليه، فكان التعليق براءة له مما رمى به. وقام النابلسى فى سنة ١٠٧٥ هـ (١٦٦٤ م) بأول رحلة له إلى استانبول وزار فى سنة ١١٠١ هـ (= ١٦٨٩ م) البقاع ولبنان، وحط رحاله فى العام التالى بالقدس والخليل، حتى إذا كانت سنة ١١٠٥ هـ (= ١٦٩٣ م) زار الحجاز ومصر ثم طرابلس فى عام ١١١٢ هـ (= ١٧٠٠ م) وكتب عن كل هذه البلدان والأمصار. وتتراوح أعماله (بما فيها الرسائل القصار) ما بين مائتين ومائتين وخمسين أثرا، وكثر تلاميذه كثرة قل أن تحصى، ولعل من أبرزهم مصطفى البكرى. وقد مات النابلسى بدمشق يوم الرابع والعشرين من شعبان سنة ١١٤٣ هـ (= الخامس من مارس ١٧٣١ م).
وتتناول مؤلفاته ثلاثة فروع: التصوف والشعر والرحلات، وأغلب ما تركه من مؤلفات فى الصوفية كان فى صورة شروح وتعليقات على ابن العربى والجيلى وابن الفارض