وأمثالهم، وهو لا يكتفى فيها بالشرح والتلخيص. ويلاحظ أنه فى كثير من تعليقاته يذهب للتقريب بين اتجاهين فى الفكر الصوفى أحدهما المدرسة الأندلسية المغربية التى كان من أقطابها أبو مدين وابن مشيش والششترى والسنوسى، أما الاتجاه الآخر فهو المدرسة الفارسية الأناضولية وكان من رجالها أوحد الدين نورى ومحمود اسكدراى ومحمد برجلى، كما ألف عن الطوائف التى تنتمى إليها، وكذلك عن نظام المولوية. ويبدو فى كتاباته أنه يأخذ بفكرة وحدة الوجود، ومن هذه المؤلفات الأصلية وأعظم كتبه أهمية هو الجزء الأول من ديوانه الكبير، وأما ديوان الدواوين فيحتوى على القسم الأكبر من إنتاجه الشعرى إلى جانب تخصيصه الجزء الأول عن التصوف (وهو الجزء الذى طبع بالقاهرة ١٣٠٢ هـ)، وهناك ثلاثة مجلدات أخرى لم تطبع بعد تتضمن مراثيه فى النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] ومراثى عامة فى غيره، كما تحتوى على مراسلاته وقصائد غزله. على أنه ليس معنى ذلك أن هذا هو كل إنتاجه الشعرى إذ إن هناك كثيرا من أعماله الأخرى فى الشعر واردة فى ثنايا شرحه لقصائد ابن هانئ الأندلسى.
ولقد اشتهر حيا وميتا كشاعر. على أنه لا يهتم فى كتب رحلاته بتقديم وصف طوبوغرافى أو معمارى للأماكن التى زارها لكنه يميل فيما يورده إلى ذكر تجاربه فى الزهد، وإن كان يلقى فى الوقت ذاته بصيصا كبيرا من النور على حياة عصره الدينية والثقافية. ولقد نسج على منوال كتبه هذه الرحالة المتأخرون عنه أمثال مصطفى البكرى الدمشقى وأسعد اللقيمى، وزيادة على هذا فإن بعض مؤلفات النابلسى هذه شديدة الضخامة ويدخل بعضها فى عداد دوائر المعارف وإن كانت جميعها تعنى بالتفسير والحديث وعلم الكلام والفقه وتفسير الأحلام، أى أنها منجم أخبار عن روحانيات جيله وخرافاته كما وردت فيها كتابات عن الزراعة والتنديد بشرب الطباق إلى غير ذلك من الموضوعات.