الحربية من الشام ساعد على هزيمة الثوار عند دير الجماجم فى جمادى الآخرة ٨٢ هـ (يوليو ٧٠١ م) ثم القضاء عليهم عند "مسكن" الواقعة على نهر دجلة، وذلك فى شعبان ٨٢ هـ، وفر الباقون منهم إلى سجستان وخراسان ففرق جموعهم يزيد بن المهلب (٨٣ هـ = ٧٠٢ م)، وقام الحجاج فبنى فى نفس السنة معسكرا حصينا لقوات الشام فى "واسط" فكان ذلك نقطة انتقال فى تاريخ الخلافة الأموية والدولة العربية، واستقر منذ ذلك الحين جند شامىّ احتل العراق. ولم يحدث قط بعد ذلك أن مست الحاجة إلى معونة من جانب "مقاتلة" الكوفة والبصرة واستتب النظام والأمن بفضل صرامة الحجاج وشدته ورفرف الهدوء على مدى اثنتى عشرة سنة، وبدأ الرخاء يعم العراق، إلا أن ذلك لم يكن على رضا من القبائل العربية لا سيما التى كانت مقيمة بالكوفة.
كانت الحرب قد تجددت سنة ٧٣ هـ (٦٩٢ م) مع بيزنطة إذ رفض امبراطورها قبول تداول العملة الذهبية الإسلامية الجديدة التى سكها عبد الملك، وعلى الرغم من بعض الانتصارات الأولى التى أحرزها جند الشام بقيادة محمد بن مروان -أخى الخليفة- فى غاراتهم على أرمينية والأناضول إلا أنهم لم يستطيعوا الاستيلاء على أرض كثيرة لكنهم كانوا قد مهدوا الطريق للحملات التى شنت بعد ذلك إبان الحكم التالى، ففى الشمال الأفريقى نجد أن "مقاتلة" مصر بقيادة "حسن بن النعمان" (بعد استردادهم جزءًا من افريقية قد زحفوا إلى "قرطاجة" تساعدهم قوة بحرية (٧٨ هـ = ٦٧٩ م وأنزلوا الهزيمة بالاسطول البيزنطى، كما تم احتلال قرطاجة وتأسست قاعدة آمنة فى القيروان تمهيدا لفتوح قادمة.
ورغم انشغال بال عبد الملك بالاضطرابات الداخلية، وبالحروب الخارجية إلا أنه وجد وقتا استطاع أن يصرفه فى القيام ببعض الإصلاحات الإدارية فدعم الحكومة المركزية فى وجه الإضطرابات القبلية ووضع اصلاحات عدة للوصول إلى هذه الغاية، كان من أهمها إحلال العربية محل اليونانية والفارسية فى دواوين