الأولى من ٢٣ إلى ٢٩ هـ وهى فترة استقرار ورخاء، والفترة الثانية من ٣٠ إلى ٣٥ هـ وسادها الاضطراب، وقد فسرت بعض الروايات هذا تفسيرًا غيبيا إذ أرجعته إلى سقوط خاتم الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] من يد عثمان فى بئر أريس سنة ٣٠ هـ.
وقد بدأت الفتنة ضد عثمان رضى اللَّه عنه فى العراق حيث كانت الأزمة الاقتصادية فيه أوضح منها مما فى سواه، وحيث كانت حركات التمرد والشغب كثيرة. وقد أثرت أقوال أبى ذر رضى اللَّه عنه -الذى نفى إلى الشام مع عدد من أتباعه، ثم بعد ذلك إلى الربضة حيث مات- فى إثارة بعض الاضطرابات وانفجرت اضطرابات أخرى خطيرة فى الكوفة فى الفترة من ٣٢ إلى ٣٣ هـ تزعمها القراء، وفى مصر أحدث محمد بن حذيفة بعض المشاكل لكن عبد اللَّه بن سعد بن أبى السرح سرعان ما تصدى له. ويقال إن عمرو بن العاص كان يشجع الاضطرابات فى مصر سرا، وفى آخر سنة ٣٥٠ هـ انفجرت الثورة عارمة موحدة بعد أن كانت متفرقة، فتقدم المعارضون إلى المدينة المنورة قادمين من الأمصار، فكان المعارضون القادمون من مصر هم أول من وصل وتحدثوا مع الخليفة بمرارة وعرضوا عليه ما كانوا يعتقدونه مظالم وخروجا عن الإسلام وكان رد الخليفة وديعا كطبيعته ونزل لهم عن كل طلباتهم ووعد بتعديل عماله، فغادر الوفد المصرى راضيا لكن -فجأة- اكتشف الوفد وهو فى طريق عودته للعرائش -حيث أناخوا دوابهم- رسالة أرسلها -سرًا- عثمان بن عفان رضى اللَّه عنه لواليه على مصر عبد اللَّه بن سعد بن أبى السرح، وكان مضمونها يفيد الأمر بقتل زعماء الثورة بمجرد عودتهم لمصر، فعاد الوفد المصرى غاضبا، ورغم إنكار عثمان لإرسال هذا الخطاب فقد كان هو السبب الرئيسى لمقتله، وقد اختلفت آراء المؤرخين وفقا لاتجاهاتهم فمن قائل إن مروان مستشار عثمان هو الذى دس هذا الخطاب دون علم عثمان، ومن قائل إن عثمان رضى اللَّه عنه شك أن عليا رضى اللَّه عنه هو الذى دس الخطاب، لكن كل ذلك لم يثبت تاريخيا.
د. عبد الرحمن الشيخ [ليفى دى لافيدا Levi Della Vide]