نجد أن اللغة العربية قديما كانت تعتمد على الأطوال الثابتة للمقاطع الشعرية، وربما كان بها نبر إلى حد ما، ولكنه لم يكن عنصرا بارزا فى اللغة، ولذلك نستطيع القول بأن الإيقاع فى الشعر العربى القديم أدى لظهور أوزان "كمية"، رغم أنه من الناحية التحليلية كانت هناك صعوبات تعترض اللغويين العرب وتتمثل فى أن مفهوم "المقطع اللفظى" -طال أو قصر- لم يكن موجودًا لديهم مثلما كان حاضرًا فى أذهان أبناء بعض اللغات الأخرى كاليونانية القديمة مثلًا. ولم يكن الخليل يفكر فى دراسة الشعر من منطلق "المقطع اللفظى" أو "النبر" على نحو ما كان يفكر به اليونانيون القدماء، رغم أنه بلاشك كان يشعر بوجودهما بالتأكيد كما يتبين للقارئ لأعماله الصعبة.
وقد اعتمد الخليل على بعض قواعد كتابة اللغة العربية فى التوصل إلى أوزان العربية، ومثل الحروف الساكنة بالرمز ١ والمتحركة بالرمز ٥، وعلى ذلك يمكن تمثيل عبارة "قِفَا نَبْكِ" كالآتى:
قِفَانَبْكِ = //٥/ ٥/٥
ويلاحظ أنه فى بعض الأحيان تُكتب الألفاظ بطريقة تخالف ما تنطق به مثل بٍ = بِنْ، بٌ = بُنْ، وَالْ = وَلْ، آخر = أاخر، ذلك = ذالك، قَتَّلَ = قَتْتَلَ.
ويرى الحريرى وابن خلكان أن الخليل استرعى انتباهه الإيقاعات الصادرة عن صوت المطارق فى ورش النحاس بسوق البصرة مما أوحى له بوضع أصول لعلم الأوزان لتحديد الإيقاع فى بنية القصائد الشعرية القديمة، ويرى الجاحظ أن الخليل هو أول من ميز بين الأوزان المختلفة بمعنى أنه أول من ميز بالسمع بين البنيات الإيقاعية المختلفة فى الشعر القديم، وأنه أول من حلل هذا الإيقاع بتجزئته إلى عناصره الوزنية.
وقد أضاف العروضيون العرب فيما بعد إلى نظرية الخليل دون أن يغيروا فى مفهومها الأساسى. واليوم لا تزال