للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموضوعات المنطقية والكونية والفكرية والميتافيزيقية التى تناولها الفلاسفة. وفى هذا الإطار يعالج المنطق وفقا للخطط الأرسطية مع بعض التحوير أحيانا (خصوصا أشكال القياس الأربعة أو حتى الخمسة)، ومع ذلك فالمحاجاة القديمة ذات الحدين لا تختفى كلية، إذ يمكن أن نجد مؤشرا عليها فى تحبيذ الاستدلال بالإحراج؛ اذ من المحتمل أن هذا نهج أرسطى، وإن كان الحد الأوسط الضمنى غالبا ما يكبت لصالح حجة تقوم على ثبت يتمثل فى (حقيقة أو نص مستشهد به) أو لصالح الحكم الوجودى الجدلى [انظر "بُحران"].

ويمكن تمييز مذهب المجددين عن فكر الأجيال الأولى من الأشعرية بما قدمه من حلول أكثر غموضا فى دلالتها وبما أثاره من إشكاليات جديدة. وهو يميز بصفة خاصة باستخدامه للقياس بعد أوسط كلى وبرجوعه للعلية Causality حتى لو كانت فَعَالية العلل الثانوية مرفوضة على المستوى الأنطولوجى. وعلى ذلك فقصارى القول إنه يمكن إعادة تقسيم المذاهب إلى "الكلام المعتزلى" و"الكلام الأشعرى المبكر" وهما برغم التعارض فى المبادئ التى يؤكد عليها كل منهما إلا إنهما ربما يشتركان فى نفس الموقف تجاه المسائل المعنية ويستخدمان نفس أساليب الاستدلال؛ والكلام الأشعرى المبكر وأشعرية "المجددين" يدعمان نفس المبادئ لكنهما يختلفان بدرجة ملموسة فى تناولهما للمسائل المعنية (اتخاذ "المقدمات الفلسفية") وكذلك فى طرائق الاستدلال. وفى نهاية المطاف تبنت "النزعة المحافظة الجامدة" من جديد ما قد صار فى ذلك الوقت مبادئا كلاسيكية ومزجت بين التناولين الجدلى والقياسى دون أن تميز دوما أحدهما عن الآخر.

والكلام الأشعرى المبكر (الباقلانى والإسفرايينى، والأشعرى ذاته) قد اعترف -على ما ذكره ابن خلدون فى مقدمته) برجعية البراهين أى أن بطلان البرهان يعنى ضمنا بطلان ما قصد به إثباته. وهكذا -وفقا لتعليق "لويس ماسينيون"- أعلن الباقلانى أن رؤية العالم من منظور نظرية الأجزاء (النظرية الذرية) أمر يتمشى مع نص القرآن الكريم.