(غرب أفريقيا). وكان الفزارى (قبل ١٨٤ هـ/ ٨٠٠ م) هو أول من تحدث عنها باعتبارها أرض الذهب، وذكرها -أيضًا اليعقوبى (٢٥٦ هـ/ ٨٧٠ م) كما ذكرها -على نحو خاص- ابن الفقيه الهمذانى الذى توفى حوالى ٢٩٠ هـ/ ٩٠٣ م والذى أورد عنها فى كتاب البلدان بعض التفاصيل الطريفة منها أن الذهب ينمو فى رمالها كما ينمو الجزر، وأن أهلها يعيشون على الذرة واللوبياء ويسمون الذرة بالدُّخن. أما أول من روى لنا عنها رواية شاهد عيان فهو ابن حوقل الذى كتب سنة ٣٦٦ هـ/ ٩٧٧ م كتاب "المسالك والممالك" وقال إن ملكها هو أغنى ملوك الأرض، وقد ذكر السَّعدى (المتوفى حوالى ١٠٦٥ هـ/ ١٦٥٥ م) أربعة وأربعين أميرا من عناصر بيضاء لا يعلم أصلها حكموا غانة منهم ٢٢ قبل الهجرة و ٢٢ بعدها، لكن ديلافوس Delafosse ذكر اعتمادا على المرويات التقليدية أن عددهم بالفعل هو أربعة وأربعون أميرا بعضهم قبل الهجرة، وأن السعدى أخطأ فترجم الكلمة التى تعنى (عدد) بكلمة (نصف)، ولا نعرف شيئًا عن هذه الفترة سوى أن السُّوننكى -وهم عناصر زنجية- قد عاشوا مع هؤلاء الأمراء البيض وإن كان مونى R.Mauny يشكك فى أمر هؤلاء الأمراء البيض فى هذه الفترة، وهو الأمر الذى كان الإدريسى ٥٤٩ هـ/ ١١٥٤ م أول من أثبته، ففى حوالى ١٧٤ هـ/ ٧٩٠ م طرد الملك الزنجى كايا ماغان سِسى Kaya Maghan Cisse أول ملك زنجى لغانة العناصر البيضاء فتراجعت إلى تاجانت Tagant وجورجول Gorgol وفوتا Futa. والواقع أننا لا نعرف فى غالب الأمر عن هذه المملكة شيئًا حتى الغزو البربرى الأول لها فى القرن الثالث للهجرة التاسع للميلاد، الذى أورد ابن أبى زرع فى كتابه "روض القرطاس"، وأورده كذلك ابن خلدون، وقد أدى الغزو البربرى إلى الحاق مملكة أوداغست Audaghost بمملكة غانة، وفى سنة ٣٨٠ هـ/ ٩٩٠ م عين ملك غانة حاكما زنجيا لأوداغست ليؤكد أن الرسوم على قوافلها يدفعها البربر التابعون له.