وظلت غانة طوال نصف قرن هى اقوى مالك السودان الغربى، وقد أورد لنا البكرى (٤٦٠ هـ/ ١٠٦٧ - ١٠٦٨ م) معلومات طيبة عن هذه المملكة فذكر أن العاصمة تتكون من قسمين (مدينتين) أحدهما يسكنه المسلمون حيث القضاة والفقهاء، وكان به اثنا عشر مسجدا بها الأئمة والمؤذنون والمرتلون، وتعقد صلاة الجمعة فى المسجد الجامع بانتظام. أما القسم الثانى فعلى بعد ستة أميال وبه مقر الملك الذى يتكون من قلعة وعدد من الأكواخ وقد أحيط كل ذلك بسور، وغير بعيد عن مقر الملك مسجد يؤدى فيه المسلمون الذين يزورون الأمير صلواتهم، والمنازل هنا مشيدة بالحجارة وأخشاب أشجار الصمغ، ويطلق على القسم الذى به مقر الملك هذا اسم "غابة" نظرا لقربه من غاية شاسعة بها أكواخ السحرة ورعاة الأرباب المحليين، وبها أيضًا مقابر الملوك والسجون، ومع أن الناس هنا. وثنيون مثل حاكمهم إلّا أنهم فى الحقيقة -يعاملون المسلمين باحترام كبير، فالمترجمون منهم ومعظم وزراء الملك والقائم على خزينة البلاد منهم أيضا, وللمسلمين -وفقا لما يقوله البكرى- مزايا خاصة فى اللباس، ولا يسجد المسلمون للملك وإنما يكتفون بتحيته بالتصفيق له.
ولعبت غانة دورا تجاريا فى الغاية من الأهمية إذ كانت القوافل المغربية تصلها حاملة البضائع لا سيما الملح ونوع من الأخشاب يستخدم فى معالجة جلود القرب لتجعل المياه صالحة للشرب فترة طويلة، وكانت تأتيها القوافل أيضا من الصحراء الكبرى محملة بالملح، على أن الذهب كان هو السلعة الرئيسية وكان يجلب من مناجم ونجارا Wangara (إلى الأعلى من حوض السنغال وفالم Faleme) وكان يتم تبادله عن طريق المقايضة الصامتة. أما عن قوة جيش غانة فيقدرها البكرى كالتالى ٢٠٠.٠٠٠ مقاتل منهم ٤٠.٠٠٠ رام بالسهام، وهذا تقدير مبالغ فيه.
وقد استولى المرابطون على أوداجست فى عهد يحيى بن عمر المرابطى (٤٤٦ هـ/ ١٠٥٤ م)،