جنوب تونس التى صارت مركز عملياته الحربية، ونجح بمساعدة عرب تلك الناحية فى الاستيلاء على قفصة ونادى بنفسه حاكما وأعلن خضوعه للخليفة العباسى الذى وعده بتجديد المساعدة له، ثم مضى بعدئذ إلى طرابس حيث قابل الأرمنى قراقوش مولى ابن أخى السلطان صلاح الدين الأيوبى.
كان الاستيلاء على الهدية وتونس هدف الحملة، ولما علم على بن غانية بوصول الخليفة المنصور على رأس جيش من الموحدين ارتدّ إلى "الجريد" فتبعه ستة آلاف من الموحّدين على ظهور خيولهم فهزمهم هزيمة ساحقة فى سهل العُمْرة (٥٨٢ هـ)، وجرت مناوشات بين الجانبين وانتهى الأمر بهروب ابن أبى غانية وقراقوش إلى الصحراء، ثم مات على بن أبى غانية سنة ٥٨٤ هـ فانتقلت مقاليد السلطة إلى أخيه يحيى الذى ظل ما يقرب من خمسين عاما وهو يكيل الضربات لقوة الموحدين، وحدث تصدع فى الصفوف، وقد ساعد عرب سليم يحيى بن غانية فاستطاع الاستيلاء على المهدية من يد رجل اسمه ابن عبد الكريم الرجراجى، وأطل الخوارج برؤسهم ولكن ذلك لم يزعجه. على أن يحيى بن غانية دارت عليه الدائرة وهرب إلى "ودَّان"، واضطربت الأمور بين المتحاربين اضطرابًا تشابكت فيه الأحداث بصورة لا تدع للإنسان مجالًا.
وعلى وجه العموم فقد فشلت محاولة إعادة المرابطين فشلا ذريعًا. على أن العواقب الوخيمة لتلك الأحداث يمكن أن نستنبط منها ما يلى:
(١) أن اتارة مطامع العرب فى الحصول على الغنائم والنهب وحملات بنى غانية أطالت من الغزو الذى بدأه الهلاليون وتابعهم فيه بنو سليم.
(٢) أن بنى غانية مَدّوا النفوذ العربى إلى المغرب الأوسط الذى اختفى منه المراكز التى ترجع إلى المدن ولم يبق هناك سوى تلمسان التى أخذت تلعب دورها كعاصمة لمملكة جديدة.