القرن الثانى للهجرة (الثامن للميلاد) ظهر فى بغداد أدب ذو طابع رومانسى إلى حد كبير، بالإضافة للأدب ذى الطابع التقليدى، وقد أورد لنا ابن النديم فى كتابه الفهرست عددا من المؤلفين الذين نحوا هذا المنحى مثل ابن الكلبى والمدائنى أو الهيثم بن عَدِىّ وقد استشهد أبو الفرج الأصفهانى فى كتابه الأغانى بكتاباتهم وقد أظهرت استشهاداته تلك أن الشعراء المحبِّين يقاسون أحيانا من تغيُّر حقيقى يعترى أبدانهم وأرواحهم ليصبحوا -مثل جميل- عشاقا حقيقيّين، لذا فنحن لا نستطيع من خلال الأعمال الشعرية التى صحت نسبتها أو التى نسبت خطأ لغير مبدعيها إلّا أن نقول إنها تعكس الحالة النفسية لهؤلاء الأبطال العاشقين الذين يظهرون فى القصص أو تراجم العاشقين، أيمكن لمجموعة قبلية بعينها فى غريب شبه الجزيرة العربية أن تشيع فى تراثها الشعبى منذ القرن الأول للهجرة (السابع للميلاد) أو حتى قبل ذلك قصص حب تتحلّق حول شخوص أسطوريين أو خرافيين على نحو أو آخر؟ إن هذا ممكن جدًا فقبيلة عُذرة الصغيرة التى كانت فى القرن الأول للهجرة (السابع للميلاد) تمتد مضاربها من واحة تَيْماء إلى وادى القرى تفخر بأنها أنجبت واحدا من هؤلاء الأبطال ذلك هو الشاعر المشهور جميل. وعلى آية، فلم تكن قبيلة عذرة وحدها التى ادعت مثل هذا الادعاء، فقد فخرت قبيلة نهد التى تمتد مضاربها فى المنطقة نفسها بأنه قد ولد فيها السيد ابن عَجْلان الذى أصبح أخيرا بطلا لقصة حب زاخرة بالأعمال البطولية وبسبب رغبة كل قبيلة فى التفرد والمفاخرة فقد ابتدعت أبطالا من النوع نفسه مثل عامر بن صَعْصعة، والمجنون الذى حقق شهرة كبيرة بسبب ولعه وهيامه بليلى.
وقد لعب بشار بن برد المولود حوالى ٩٥ هـ/ ٧١٤ م والمتوفى حوالى ١٦٧ هـ/ ٧٨٤ م دورا مهما فى نشر مجالات شعرية بعينها فى البصرة، ففى ديوانه غير المكتمل يسهل ملاحظة مخاطبته لعبدة وغيرها من نسوة البصرة حيث يبدو حبه يائسًا لا أمل فيه، وقد كان مجتمع البصرة زمن