١٠. ويقول الطبرسى الشيعي فى تفسيره "مجمع البيان": "والإسلام والإيمان بمعنى واحد عندنا وعند المعتزلة" جـ ١، ص ١٧٥ طبعة فارس سنة ١٣٠٤ هـ.
فالخلاف على هذه المسألة إنما هو فى الحقيقة من تمحلات الفرق والتماسها دقائق البحث اندفاعاً وراء جموح النظر، فهو مصطنع اصطناعاً.
٤ - ولكنهم يريدون أن يلتمسوا سبباً لهذا الخلاف فى القرآن الكريم نفسه، وعندهم أن منشأه أن علماء الإسلام وجدوا فى آيات القرآن الكريم ما ذكر فيه الإسلام مقابلا للإيمان على وجه يشعر بالتغاير بينهما (ى ١٤ س ٤٩ - الحجرات مدنية، ى ٥ س ٦٦ - التحريم مدنية، ى ٣٥ س ٣٣ - الأحزاب مدنية، ى ٦٩ س ٤٣ - الزخرف مكية) كما وجدوا فى آيات ما يدل على أن الإسلام والإيمان واحد (ى ٨٤ س ١٠ - يونس مكية، ى ٣٥ و ٣٦ س ٥١ - الذاريات مكية، ى ١٧ س ٤٩ - الحجرات مدنية). وقد أرادوا التحلل من هذا الإشكال بأن جعلوا للإسلام فى لسان الشرع معانى مختلفة.
على أن الأمر لا يدعو إلى ذلك، فإن القرآن الكريم استعمل من مادة "سلم" صيغاً كثيرة فى معانيها اللغوية كما استعملها العرب، ولكنه استحدث للفظ "إسلام" وما اشتق منه معنى واحداً شرعياً استعمله فى آيات غير قليلة، وهذا المعنى هو التوحيد وإخلاص النفس لله وحده لا يكون فيها لغيره شريك يعبد ويسمى إلهاً، وهو معنى مولد من المعنى اللغوى الذى هو الخلوص والسلامة، قال ابن دريد فى كتاب الاشتقاق (جـ ١، ص ٢٢): "واشتقاق المسلم من قولهم أسلمت لله أى سلم له ضميرى".
أما سائر استعمالات القرآن الكريم لهذه المادة فاستعمالات لغوية جارية على الأوضاع والاستعمالات العربية الحقيقية، وقد ذكر ما يفيد ذلك الزمخشرى فى الكشاف عند تفسير آية {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}.
٥ - والدليل على أن معنى الإسلام الشرعى هو التوحيد وإخلاص الضمير لله من وجوه:
أحدها: أن القرآن الكريم يقرر أن الدين واحد على لسان جميع الأنبياء