والطقوس ليس ملزما لهؤلاء الذين توصلوا إلى حقائق أعمق أى هؤلاء الذين عرفوا الإمام. . وبشكل عام فإن الاتهامات توجه إليهم لأنهم يعتبرون كل قواعد الأخلاقيات التقليدية غير قائمة وفى الوقت نفسه يلام بعضهم لأنهم يدخلون قواعد جديدة مثل فكرة النباتية (أى العيش على النباتات من خضر وفواكه) وهناك من بين الغلاة -وعلى الأخص المغيرة بن سعيد و"أبو منصور العجلى- من فكر فى طبيعة اللَّه (سبحانه) ذاته، وفى عبارات "تجسيمية" (أى خلع الصفات البشرية على اللَّه جل جلاله) مأخوذة من نصوص القرآن.
ويمكن أن نرد الكثير من هذا التفكير إلى قوة دفع الإسلام ذاته، وإلى علم القرآن ومعارفه -فتوقع استمرار النبوءة والأمل فى ترنيم إنسانى يقوم بتوجيه من اللَّه سبحانه بتنظيم العالم فى عدل وإنصاف، يمثل تفسيرا للإسلام، بديلا لإسلام القيادة فى مكة والمدينة ومع ذلك فهناك بعض التفاصيل التى تعكس المفاهيم العربية قبل الإسلام، ذلك لأن كثيرين من قيادات الغلاة الأوائل كانوا من عرب القبائل. . فالتقديس الذى يخلع على "المختار" وكذلك بعض مفاهيم رجعة الأبطال، ذات أصول عربية قديمة. . وأخيرا فإن كثيرين من زعماء الغلاة المتأخرين كانوا من الموالى المتأثرين بالمسيحية واليهودية والغنوصية والزرادشتية، وقد جاءوا معهم بهذه المفاهيم القديمة. ومن المحتمل أن تكون أكثر أفكارهم حول الروح من هذه التعاليم الأولى التى ظهرت فى الشرق الأوسط.
ويبدو -فى الأجيال الأولى- أن الغلاة كانوا مجرد فرق دينية فى الحركات الشعبية المختلفة. ولكن بمقدم القرن الثانى بدأ بعضهم نشاطا سياسيا مستقلا ضد النظام القائم (ولكن قد تكون الحكومة هى التى بادرت بمحاولة القمع فى بعض الانتفاضات مثل تلك التى قام بها بيان بن سمعان)، على حين ساعدت أفكارهم أيضًا على تبرير تشكيل تسلسل موروث للإمامة، يسود