الاعتقاد فيه بأن مطالبا ما بالإمامة يكون أماما سواء سعى إلى حكم الأمة الإسلامية أو لم يسع. والحق أن المفكرين الغلاة أحاطوا بأنساب كل من محمد بن الحنفية ومحمد بكير وجعفر الصادق -والتقاليد الإمامية تعتبر كل مؤيدى أى مطالب بالإمامة من نسل محمد بن الحنفية من الغلاة تحت مسمى الكيسانية- وقد استمر بعض هؤلاء الكيسانيين العباسيين كأئمة ذوى سلطة فوق الطبيعة وذلك طيلة عدة أجيال. ويبدو أن بعض الغلاة لم يسمحوا للإمامة أن تخرج فحسب من العلويين بل من الأسرة الهاشمية أيضا، وذلك عندما يظهر شخص آخر تكون له القيادة المقدسة وأخيرا فإنه يبدو أن أفكار غلاة الشيعة قد أثرت فى بعض الحركات الطائفية الزرادشتية وخصوصا عن طريق توقير أبى مسلم.
ومع القرن الثالث الهجرى (التاسع الميلادى) خرجت من بين الغلاة نظم باطنية تفسر القرآن رمزيا. ويبدو أن هذه النظم قد تأثرت بالفلسفة اليونانية -وقد اختلف الغلاة حول توكيدهم على سيادة مبدأ أو آخر. . فالميمية تمجد الميم أو محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] الذى يجسد كنبى مبدأ الحق المعلن والحقيقة الموضوعية؛ أما العينية فتمجد العين أو على الذى يجسد كإمام مبدأ المعنى الداخلى -وهناك مبدأ ثالث تمثله السين أو سلمان الفارسى، البوابة (الباب) الذى يصل منه الإنسان إلى الحقيقة. وقد لعب عديد من هذه الجماعات بعض الدور فى سنوات انهيار الخلافة العباسية عندما تولى أحد المتعصبين وهو شلمفانى Shalmaghani مركزا أساسيا رفيعا.
وقد جرى استيعاب ما خلفه الغلاة فى حركات الإمامية والإسماعليية وتم تنظيمه باستبعاد الأفكار التى تتضمن آية حلول وسط لوحدانية اللَّه (سبحانه). . وهكذا رفض الذين عاشوا بعدهم فكرة الحلول، مع فكرة أن الإمام يمكن أن يكون إلها أو نبيا. ولكن حتى هذه الأفكار ظلت موجودة فى داخل الدوائر الإمامية والإسماعيلية وفى طوائف مثل النصيرية -وفى القرون التى تلت ذلك ظهرت حركات غامضة