كبيرة ينجحون فى دخولها ولذلك اتخذوها حاضرة لهم بدلا من مراكش التى تراجعت إلى مرتبة أدنى من مرتبتها هذه، ولهذا السبب احتفظت فاس بازدهار لعدة قرون.
وعاش البلاط الجديد [أى بنومرين] فى بادئ الأمر فى القصبة التى أعاد بناءها الموحدون فى نفس موضع قصبة المرابطين القديمة فى المنطقة التى تعرف الآن "بوجليد" وسرعان ما ضاق المكان بالمرينيين ولذلك قرر أبو يوسف المرينى (٦٥٤ - ٦٨٥ هـ/ ١٢٥٨ - ١٢٨٦ م) إنشاء مدينة ملكية وإدارية جديدة إلى القرب من المدينة القديمة ووضع أساسها فى الثالث من شوال ٦٧٤ هـ/ ٢١ مارس ١٢٧٦ م. وقد عرفت هذه المدينة فى بادئ الأمر بالمدينة البيضاء وإن كانت قد عرفت لوقت كبير ولا تزال تعرف باسم فاس الجديدة، وتتكون هذه المدينة بصفة أساسية من القصر ومبانى إدارية متنوعة والجامع ثم أضيفت إليها بالتدريج مبان أخرى كالمساجد الصغيرة والثكنات وبيوت العديدين من سادات بنى مرين وبعد ذلك وبالتحديد فى القرن التاسع للهجرة ١٥ م) أضيف حى خاص لسكنى اليهود. وقد أحيطت هذه المدينة الجديدة منذ بداية نشأتها بسور مزدوج تتخلله بوابات قليلة وقد دعمت هذه الأسوار فى القرن العاشر الهجرى ١٦ م بعدد من الأبراج البارزة لاستخدام المدافع.
وهكذا أصبحت فاس مرة أخرى مركزًا حضريًا مزدوجًا فمدينة الطبقة المتوسطة والتجارة عرفت باسم فاس بالى [أى فاس القديمة] وقد عرفت محليا باسم المدينة فحسب.
إن الوصف الذى زودنا به ليو الأفريقى [الحسن بن محمد الوزان الفاسى] لمدينة فاس فى مستهل القرن ١٠ هـ/ ١٦ م يعطى انطباعا بأن المدينة كانت تعج بالنشاط والسكان وقد كانت كثافة السكان عالية جدا لدرجة أنه استحدثت مساحات عديدة خارج الأسوار وشيدت بها بعض المبانى وخاصة فى الجانب الشمالى الغربى من المدينة القديمة ولم تكن فاس مدينة تجارية وصناعية فحسب وإنما كانت