أيضًا مدينة الدين والعلم حيث ازدهرت حول جامع القرويين مدرسة فاس على حد قول بيرك.
وأخيرًا أصبحت المدينة مركزًا للفن ويرجع ذلك إلى قصور المرينيين التى شيدوها على التلال التى تطل على فاس من جهة الشمال فضلا عن المدارس التى بنيت خاصة فى القرن ٨ هـ/ ١٤ م على يد العديد من الأمراء حول كل من جامعى القرويين والأندلسيين فى الجزء الأعلى من المدينة القديمة وفاس الجديدة.
وقد زينت كل هذه المدارس تقريبًا بذوق فنى رفيع ومتنوع وهى بذلك تشكل واحدة من أروع الكسوات الزخرفية فى فاس.
ولقد استمر هذا الوضع المتميز لمدة ثلاثة قرون حظيت فاس خلالها بالازدهار السياسى والاقتصادى والفكرى بين سائر بلاد المغرب فضلا عن الأقاليم الغربية فيما يعرف الآن بالجزائر، كما كانت لها علاقات اقتصادية وثقافية مع أقاليم الصحراء الغربية حتى النيجر وفى عام ٨٧٠ - ٨٧١ هـ/ ١٤٦٥ م كانت المدينة مسرحا لمحاولة الأدارسة استعادة الحكم فأشعلوا النار فى المدينة، ويبدو أن الوطاسيين خلفاء المرينيين لم يضربوا بيد من حديد على المشتركين فى هذه المؤامرة على حد قول (ليو الافريقى) الذى أعطى وصفا للمدينة المزدهرة.
ورغم ذلك فقد بدأ الأشراف السعديون حكام مراكش منذ عام ٩٣١ هـ/ ١٥٢٤ م يمدون نفوذهم تدريجيا على بقية مراكش وبدأوا يهددون فاس منذ عام ٩٥٤ هـ/ ١٥٤٧ م واستطاعوا بفضل المؤامرات الداخلية السيطرة على المدينة فى ٢٨ ذى الحجة ٩٥٥ هـ/ ٢٨ يناير ١٥٤٩ م.
هذا ولم يكن تغير الأسرة الحاكمة فى صالح المدينة حيث اتخذوا [أى السعديون، وهم من أهل الجنوب]، مراكش حاضرة لهم وعلى ذلك أصبحت فاس مرة أخرى المدينة الثانية للدولة الشريفية [أى الأشراف السعديين].
ولم تتقبل المدينة فى بادئ الأمر هذا الوضع بارتياح ولكنها رحبت