عليهم أن يتدخلوا فى أمور صقلية -اتضح لنا أن التحديات التى كان على الفاطميين مواجهتها قد أصبحت الآن واضحة ظاهرة.
ورغبة من الخلفاء الفاطميين فى حلّ كل المشاكل التى فرضها الواقع عليهم لم يكن أمامهم سوى الاعتماد على عدد محدود من المؤيدين بصرف النظر عن قبيلة كتامة التى لم تكن سهلة القياد فى بعض الأحيان، بالإضافة إلى مهارتهم السياسية ونشاطهم. ولقد نجح الخلفاء الفاطميون فعلا فى ظل هذه الظروف، وكان هذا أمرًا يدعو للعجب.
ولم يقُم عبيد اللَّه من ناحية بإطالة أمد الصراع مع داعيته أبى عبد اللَّه الشيعى الذى نقم على عبيد اللَّه سواء لشكّه فى أنه المهدى المنتظر أو لأن عبيد اللَّه قد حجّم من سلطته، فقد قام عبيد اللَّه باغتيال عبد اللَّه وأخيه وأدى هذا إلى ثورة كتامة فنصَّبت طفلًا كمهدى جديد، فقمع عبيد اللَّه الثورة بقسوة وأريقت دماء كثيرة، وبعد ذلك ثارت نزاعات داخل الأسرة الفاطمية ذاتها فى عَهْدَى المنصور والمعز أشير إليها فى (سيرة الأستاذ جوهر) وقد ترجم هذا العمل. كانارد (ص ١٩، ٩١ وما بعدها، ١٤٧، ١٥٠, ١٨١) كما كان إلغاء تولية تميم، ابن المعز ولاية العهد منسجما مع هذا (انظر ترجمة كانارد الآنف ذكرها ص ٢١٣، ٣٣٩, ٤٦٧) وبالإضافة إلى أنه كان من الضرورى مقاومة الآراء المتطرفة التى ظهرت فى المعتقد الفاطمى، وسنتناول هذا فى الفقرات التالية.
لقد كان على الفاطميين أن يواجهوا فى الشمال الأفريقى معارضة دينية وسياسية دينية من كل من السّنة والخوارج. ولقد شرح المعارضة السنية المالكية شرحا جيدا الباحث ج. مارسيه فى كتابه: La Berberie musulmane et L'orient au Moyen Age Paris, ١٩٤٦ فى الفصل الذى جعل له عنوانا (أسباب الفراق Les Causes du divovce) فرغم أنه اعتمد على مصادر سنّية إلّا أنه قدّم صورة واضحة لحجج هذه المعارضة التى كان الفاطميون يخمدونها أحيانا بالرشاوى، ويقدم لنا محمد بن شنب فى مبحثه Classes des Savants de L'Ifrikiya قصصا شائقة لمناظرات