دينية بين الفقهاء وأخى الداعية. وعلى أية حال فإن هذه المعارضة لم تسَّبب إزعاجا جادا للسلطات إلّا عندما تحالفت القيروان -رغم أن أهلها يتمسكون تمسكًا شديدًا بالسنّة- تحالفا مؤقتا مع أبى يزيد الخارجى. حقيقة إن المعارضة من جانب الخوارج قد اتخذت شكلًا خطيرا بثورة أبى اليزيد هذا الذى استولى على عدّة مدن مهمة وفرض حصارا على المهدية لمدة عام ولم تلحقه الهزيمة حتى سنة ٣٣٦ هـ/ ٩٤٧ م. وقد استنفدت هذه الثورة التى بدأت سنة ٣٣٢ هـ/ ٩٤٣ - ٩٤٤ م جهود الخليفة الفاطمى القائم فلجأ إلى سوس تخلصًا من متاعب الحرب، ولم تنته هذه الثورة إلّا فى زمن الخليفة المنصور. وكان أبو يزيد الخارجى يلقى الدَّعْم من الحاكم الأموى فى قرطبة مما مكنه من وضع الفاطميين على شفا الهاوية.
وكانت قبيلة زناتة فى الغرب مصدرا آخر للمتاعب فقد كان أبو عبد اللَّه الشيعى قد طرد الرستميين الخوارج من تاهرت لكن الثورة اشتعلت واستطاع مصالة بن حبوس أن يستعيدها فى ٢٩٩ هـ/ ٩١١ م، كما استولى مصالة بن حبوس على فاس سنة ٣٠٨ هـ/ ٩٢٠ م ثم سجلماسة سنة ٣٠٩ هـ/ ٩٢١ م. وبعد موت مصالة أخضع خليفته موسى بن أبى العافية بلاد المغرب واستولى على فاس من الأدارسة لكن الأمر انتهى باستسلامه للأمير الأموى فى سنة ٣٢٠ هـ/ ٩٣٢ م. وعلى النحو نفسه تصرَّف الخليفة الفاطمى القائم الذى كان بالفعل يدير المعارك فى المغرب أثناء حياة والده، وأسَّس مدينة مصالة الحصينة (المحمدية) فى الزاب -إذ وجد نفسه مضطرًا بعد توليه الحكم لإرسال حملة لإعادة فتح فاس وكل المناطق الغربية فى بلاد المغرب والاستيلاء عليها من ابن أبى العافية، وكذلك تاهرت. وأعاد الخليفة القائم تنظيم الأدارسة فى المناطق التى كانوا يحكمونها لكنهم -أى الأدارسة- قد أصبحوا الآن تحت حكم الفاطميين. وقد استطاع الخليفة المعتز بحكمته وتصرفه الحذر الحصيف ومهارة قائده جوهر أن يخضع كل المغرب ويفرض السلام