للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يسمى "المميز" Mumeyyiz، حتى يصل فى النهاية إلى مسألة قانونية (شرعية) يحق عليه أن يقرر فى شأنها ما يراه. وكانت هذه القرارات تسجل ويحفظها امين الفتوى فى مكتب السجلات الخاصة (فتوى خانه)، حيث يمكن الرجوع إليها إذا برزت من جديد نفس المشكلة وكان هؤلاء الأشخاص الثلاثة يقتسمون الرسوم المفروضة على الفتوى التى وصلت فى منتصف القرن السابع عشر إلى ثمانية " akce" وبالرغم من أن منصب شيخ الإسلام اتسع مع مرور الوقت ليشمل عددا من الإدارات الأخرى والموظفين، فإن القسم الخاص بالفتوى ظل كما هو -ومن وقت لآخر كان يتم جمع مختارات من فتاوى بعض شيوخ الإسلام المتميزين فى كتاب، ولكن هذه المختارات وكذلك القرارات المحفوظة فى "فتوى خانه"، لم تكن ذات قيمة كسابقات قانونية، فقانون السابقات (السوابق) بالمفهوم الحالى لم يكن معروفا آنذاك.

وكان هؤلاء الذين يحملون لقب المفتى يعملون مع القضاة فى كل الأقاليم، ولكن لم تكن لهم أية علاقة بالفتوى إلا فى تفسير أصل الكلمات وتاريخها. وإذا كان من الضرورى أن يكون المفتى -من الناحية النظرية- رجلا متمكنا ضليعا فى الأمور الشرعية لمذهبه، وأن يكون أيضا شخصية موثوقا بها ولا يرقى إليها الشك، فإن الصفة الأخيرة -فى الواقع- هى التى كانت مطلوبة فى هذه الأقاليم ولأن القاضى كان شخصًا عابرًا أو غريبًا على الأقليم الذى تم تعيينه فيه ولأنه كان يعتبر فى نظر الجمع ممثلا للسلطة الدنيوية وصوتا لها، فقد كانت أحكامه تحقق تأثيرها الدينى عندما يقرها بشكل ضمنى بعض كبار السن الذين يلقون الاحترام فى المنطقة بسبب ورعهم وتقواهم ويكون مستوى تعليمهم فى المتوسط فوق المستوى الأدنى. وفى بعض الأحيان كان يمكن للقاضى الذى يعتزل المهنة، أن يقدم خدماته بهذه الصفة فى مكان إقامته، كما يمكن لأى فرد من العائلات المتعلمة المحلية فى المدن الكبيرة، ولكن فى غير ذلك لم يكن "المُفْتُون" من طبقة العلماء، وكان وجودهم فى الأقاليم ضروريا فقط لتحقيق التفرقة القانونية بين