للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كان مصدرا لإثراء الأدب بالنوادر والحكايات (انظر من كتاب الأغانى الجزء الثانى ٣٢ - ٣٧) كما أن هذه المنافسة ألهمت الفرزدق -وغريمه نظم قصائد تحمل بصمة كل منهما وهذا الهجاء أو النقد الساخر بين الفرعين لا ينبغى أن ينسينا أن ثمة علاقات أخرى -من نوع آخر- كانت قائمة بينهما وبين الأحوص فى المدينة، والنحوى القارئ "أبى عمر بن العلاء" أو "الحسن البصرى".

وكان كتَّاب سيرته يميلون إلى المبالغة فى وصف ما تنطوى عليه شخصيته من غرائب. والتأكيد على جبنه، وفجوره وإسرافه فى شرب الخمر ومجونه ولكن المهم لنا هو الكشف فى شخصية الفرزدق عن صفات وثيقة الصلة بشعره فى المديح والهجاء والتى تجعل منه نموذجا لجيل ممزق بين الثقافة البدوية والأخلاقيات الجديدة. فى هذا الإطار يمكن تفسير بعض اللمحات التى تتسم بها شخصيته كاعترافه بالخطأ ثم عودته إلى الخطأ فى النهاية، كل ذلك نجد صداه فى شعره. وقد وصلنا الجزء الأكبر من شعره نظرا لخصوصية يتمتع بها بنو تميم من ناحية ونظرا لحظوة الفرزدق التى كان يتمتع بها داخل دوائر المثقفين فى البصرة. فقد لقى شعره فى الكوفة قبولًا حسنا بعد أن انتقل إليها شفاها بطريقة لا نعرفها على وجه الدقة ولاشك أنه منذ ذلك الوقت أصبح الفرزدق يشكل مع جرير والأخطل ثلاثيا يتناوله المثقفون بالمناقشة والدراسة لعدة أجيال -ولم يكن الفرزدق يتردد فى أثناء حياته فى انتحال أشعار معاصريه (انظر ابن سلام، والأغانى). وهناك ما يبرر الشك فى صحة بعض القصائد المنسوبة إليه التى ظهرت فى تحقيقات السكرى فى القرن الثالث الهجرى/ التاسع الميلادى ويضم الديوان حوالى ٧.٦٣٠ بيتا وهو أكبر ديوان عرف فى نطاق الشعر العربى بأكمله -ويضم قطعا شعرية أو قصائد كاملة تتراوح القصيدة منها ما بين ٢٠ و ٣٠ بيتا- ونادرا ما تزيد على ذلك والشعر الغالب فى الديوان هو ما عرف بالقصيدة التى اتخذت على يد