الفلاسفة. وهناك مستشرقون يتفقون مع رينان على اعتبار الفلاسفة بمثابة فرقة من الفرق الإسلامية، وهذا رأى جمهور المسلمين عامة. ولكن رغم وجود مجموعة من الأفكار ذات العناصر المشتركة والمتشابهة لدى هؤلاء الفلاسفة إلا أنه ينبغى ألا ننكر وجود اتجاهات أخرى تنطوى على خلاف وتنم عن أصالة مفكريها.
ومما لاشك فيه أن المصادر الأولى للفلسفة الإسلامية يونانية فى جوهرها، ولكن يلاحظ أيضا تأثير الفكر العلمى وبصفة خاصة تأثير جالينوس العالم والفيلسوف، كما يلاحظ تأثير نوع من الصوفية العقلية مستمدة من أفلوطين، ومزيج من الأفكار اللاوهوتية والكسمولوجية ذات الصبغة الغنوصية وبصفة خاصة تلك المستمدة من مدرسة الإسكندرية، فقد تسربت الثنائية الفارسية إما بطريق مباشر أو غير مباشر من الفرق الشيعية ولاسيما الفرقة الإسماعيلية. ومن العسير نظريا أن نعزل الفلسفة الإسلامية من الصوفية ذات التعاليم الخاصة كما هو الحال لدى السهروردى الذى تحدث عن النور على نحو ما تحدث أرسطو عن الجوهر. لقد كان فكر الفلاسفة المسلمين معقدا للغاية. وخير مثال لذلك ابن سينا وهو تلميذ لجالنيوس ومن أتباع أرسطو فى المنطق ومن أشياع الأفلاطونية الجديدة ومن شارحى التصوف الذى مهد لظهور شخص مثل السهروردى بتصوفه. ولكن هذا الوصف يصدق تماما على الفلسفة الإسلامية فى طورها الأول متمثلة فى فلسفة الكندى والفارابى وابن سينا. فقد كان هؤلاء يؤمنون بالتوفيق بين الحكيمين أفلاطون وأرسطو وأن العقل هو الأداة التى توصلنا إلى الحق، ولكن الغزالى تحت تأثير الجوينى لايرى أن العقل هو الحكم الأعلى، ومن هنا كان الاختلاف بين الفلاسفة والمتكلمين، وبذلك أصبح الغزالى بمثابة البداية لمرحلة أخرى من الفكر تتميز بمعرفة أفضل بمؤلفات أرسطو، ويمثل هذه المرحلة فى الغرب ابن باجة، وابن رشد بصفة أخص الذى نبذ الأفلاطونية الجديدة. أما فى الشرق فقد رجع فخر الدين، ونصير الدين الطوسى إلى