العلم، بل إن هذا العلم خليق أن يستغلق على أفهام الغير. ونحن نجد حتى البوهرا الآن يقفون عن عمد بمعزل عن العلم الحديث الذى يعدونه زندقة.
هيكل المذهب:
تؤكد "الحقائق" تأكيدا شديدا التوازى بين الكون والإنسان، وهنا تبلغ الحقائق بالتوحيد الإسلامى أقصى مداه، ولا تصف الله (الغيب تعالى) بصفات تعتمد على ما ألفت الحواس، فالواحد أبدع بأمر من مشيئته الأزلية أول (سابق) فيض (مُنْبَعَثَ)؛ وهو فى مذهب أفلوطين "عقل الكل"؛ وثانى الفيوضات وهو الذى صدر عن السابق هو"نفس الكل" وهى الركن الثالث فى الثالوث الأفلوطينى الأصلى.
وهنا يظهر تطور جديد حدث فيما يظهر نتيجة لجهد بذل فى التوفيق بين هذه الفكرة وبين مذهب بطلميوس، فقد أضيفت "عقول" أخرى قليلة هى عقول متحركة لأفلاك مختلفة أى لأفلاك النجوم الثوابت، وكوكبات منطقة البروج، والكواكب الخمسة، والشمس والقمر، والأخير هو العقل الموكل بالأرض "العقل الفعّال" وهو الخالق الحقيقى للـ "صورة" ويسمى "المبدع الثانى" وإليه نقلت كل التبعات التى وضعها المذهب الأفلاطونى على عاتق "نفس الكل". وللصورة التى تحدث بفعلها فى الهيولى (أولا باليونانية) عالم الظاهر لها اصولها الكاملة التى أبدعت على منوالها. ومن الواضح أن هذا القول نقل لنظرية أفلاطون فى المثل التى فهمت فهما خاطئاً، وهو هنا الجسر الذى يصل بين الفلسفة والدين. وإذا كان ثمة أصل كامل للبشر هو الإنسان الكامل، فإنه يجب أن يوجد فى هذا العالم، وبغير ذلك لا يمكن أن يوجد الإنسان. ولكن من يمكن أن يكون هذا الإنسان الكامل إن لم يكن هو المختار خاتم رسل الله وخيرهم: رسوله محمد؟ ولما كان الإنسان هو تاج الخلق والإنسان الكامل هو تاج البشرية فإن الرسول هو إذن "عقل الكل"، وأقنوم "نفس الكل" لا يمكن أن يكون إلا "الوصى" أى منفذ وصية النبى [- صلى الله عليه وسلم -] وهو علىّ، والأئمة الموكلون دائما بهذا