فارتبط قابس (أو Tacapcs كما كانت تسمى) بقرطاجنة عبر الطريق الساحلى الرئيسى، وتم فتح طريق حربى يربط قابس "بتليت" وحيدرة التى كان يرابط بها الجيش الثالث، وتطورت المدينة إلى الإمام بفضل مجهودات القرطاجينيين التى بذلوها منذ وقت بعيد وبسبب هذه الشبكة من الطرق التى زادت من نشاط الميناء وكثرة المياه المتدفقة وانتشار السلام.
كما أصبحت قابس فى العهد المسيحى مركز أسقفية، ومن ذلك فلم يتم تحصينها إلا فى وقت متأخر نسبيًا إذ ظلت -كما يقول المؤرخ شال ديل- حتى منتصف القرن السادس على الأقل "خالية من التحصينات" ولم يكن يقيها شر الهجوم عليها سوى ناحية حصينة تعترض طريق الغزو، أعنى بذلك المضيق الواقع بين الساحل وبين شط الفجيج، والذى يربط المركز البيزنطى الحربى بليبيا، وهو الموضع الذى شاهد الهزيمة الساحقة التى نزلت بالقوات البيزنطية على يد قبيلة "استريس" وليس من شك فى أنه بعد هذه الهزيمة تم تشييد سور حول قابس ظل موجودا حتى القرن السادس عشر على الأقل وقد اندثرت من البلد اليوم كل آثار ماضيها القديم، أو بقول أدق لم يبق إلا أطلال من السد الرومانى وعدة أعمدة ومقرنصات أدخلت فى مسجد سيدى ادريس لو فى مزار سيدى بليابة، وبعض آثار أقل من هذه أهمية استعملت فى المبانى التى شيدت بالأحياء القديمة.
ولا يزال الغموض يعتور الظروف التى أدت إلى دخول قابس الإسلام وإن كان الوزير السراج يؤكد فى كتابه الحلل عبد اللَّه بن يعد لم يحاصر البلدة اثناء غزوه للإقليم البيزنطى سنة ٢٧ هـ (٦٤٧ م) مما يرجح الرأى القائل بأن الاستيلاء عليها تم فى وقت متأخر أثناء حملات معاوية بن حديج أو خليفته عقبة بن نافع (أعنى بين عامى ٤٠ و ٥٠ هجرية (٦٥٤ - ٦٧٠ م) ثم جلا المسلمون عنها بعد مقتل عقبة بن نافع عام ٦٤ هـ (= ٦٨٤ م) فاستعمل الغالب "كسيلة" القيروان قاعدة له ومد سلطانه كما يقول ابن عبد الحكم فى