للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كتابه الفتوح على جميع النواحى المجاورة بما فيها بوابة قابس التى تمكنت قوات الكاهنة من خلالها سنة ٧٤ هـ من طرد قوات حسن بن النعمان واستردادها، ومع ذلك فإن ابن النعمان استطاع أن يدخل من جديد وبعد بضع سنوات من هذه البوابة ذاتها. وأصبحت قاس منذ دلك الحين -وإلى الأبد- بلدة إسلامية ولكنها لم تسلم من أن تمتد إليها يد الدمار على أيدى الخوارج الذين اجتاحوا كل إفريقية فيما بين عامى ١٢٢، ١٥٥ هـ (= ٧٤٠ - ٧٧٢ م) واستولى عليها سنة ١٢٣ هـ عكاشة بن أيوب الفزارى الزناتى (وكان من الصفرية) وهدد القيروان قبل أن تلحق به الهزيمة فيقتل عام ١٢٥ هـ، ثم سقطت قابس مرة ثانية فى أيدى الخوارج الأباضية بعد بضع سنوات أيام حكم عبد الرحمن بن حبيب كما تمت سنة ١٣١ هـ هزيمة الثائر إسماعيل بن زياد النفوسى ولقى مصرعه. غير أن اغتيال عبد الرحمن بن حبيب (١٣٧ هـ - ٧٥٥ م) كان إيذانا باندلاع فتن جديدة وثورة قادها الخوارج كانت البلدة أثناءها [. . . .] (*) تتداولها أيدى الفئات المتنازعة، حتى تمكن أبو الخطاب (وكان من الأباضية) من الاستيلاء عليها فى مستهل ١٤١ هـ (= ٧٥٨ م) ثم حررها منه ابن الأشعث عام ١٤٤ هـ = ٧٦١ م لتضيع مرة أخرى إلى أن تمكن أخيرًا يزيد بن حاتم المهلبى (مؤسس أسرة بنى المهلب) من دخولها يوم العشرين من جمادى الأولى ١٥٥ هـ (= ٢٨ أبريل ٧٧٢ م) فكان ذلك إيذانًا بتوقف سفك الدماء لمدة ربع قرن الزمان بعد ما عاناه الإقليم من أحداث القتل التى ظلت مستمرة لبضعة عقود.

وصارت قابس زمن الأغالبة أهم بلد فى الناحية ومركز الحاكم ويشير الشماخى فى كتابه السير إلى وجود عامل للإمام عبد الوهاب (١٦٨ - ٢٠٨ هـ = ٧٨٤ - ٨٢٣ م) مما يشير إلى أن البلدة كانت من المملكة الرسمية، لكن الواقع أن هذا "العامل" لم يكن سوى جابى ضرائب يمد فى الخفاء "صدقات" الأباضيين فى تاهرت لأننا نعرف على وجه التأكيد أن البلدة كانت خلال القرن الثالث الهجرى تعتمد كليا


(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: مسح بالمطبوع