للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كما أهداه بعض الأوسمة النصرانية وعين خلفا له محمد بن رشيد بعد احتلال المهدية الذى تم سنة ٥٤٣ هـ (١١٤٨ م) واحتلال جميع الساحل وعلى الرغم من كل هذه الصراعات إلا أن البلدة لم تضار كثيرا بل أنها عمرت بقصر جميل عرف بقصر العروسين وكان ابن ولمبة قد شرع فى تشييده ثم اتمه رافع ونسب إليه. على أنه ينبغى أن نذكر فى ذا المجال أن رشيدًا سك عملة باسمه هو ذاته، وكان هذا العمل من جانبه مظهرا من مظاهر تأكيد استقلاله.

كان مجئ الموحدين إيذانا بنهاية عصر الاستقلال الذى كانت قابس فى الواقع قد فقده منذ سنة ٥٤١ هـ (= ١١٤٦ م) حين قبلت أن تدخل تحت سيطرة النرمنديين. ولقد استولى أبو محمد عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن على فى عام ٥٥٤ هـ (= ١١٥٨ م) على مدينة قابس عقب قيامها فى السنة الماضية ضد النرمان. ولقد استمر عهد السلام الذى تمتعت به إثر ذلك لمدة عقود قليلة إذ سرعان ما وقعت فريسة صراع بين الموحدين وبين عدوين كانا يتحالفان تارة ويتخاصمان تارة أخرى، أما أحد هذين الحليفين فقراقوش والى طرابلس وأما الآخر فبنو غانية، ومن ثم صار لزاما على المنصور (٥٨٠ - ٥٩٦ هـ = ١١٨٤ - ١١١٩ م) أن يتدخل شخصيا فى إفريقية منذ أن رأى الخطر يهدده بأنه موشك على فقدها وتمكن بفضل انتصاره سنة ٥٨٣ هـ (= ١١٨٧/ ٨ م) من أن يسترد البلد الذى حوله قراقوش (بتحالف مع بنى غانية) إلى قاعدة حصينة كما استطاع قراقوش أن يثبت أقدامه هنا مرة أخرى. غير أنه ما لبث أن شجب تحالفه السابق مع بنى غانية مما أدى إلى ضياع البلد منه وانتقاله إلى أيدى الموحدين الذين استغلوا الظروف الراهنة إذ كان يحيى بن غانية قد نجح فى هزيمة قراقوش وتملك طرابلس ثم مضى فحاصر قابس سنة ١٥٩ هـ (١١٩٥ م) ودفعته الرغبة فى ارغامها على الاستسلام إلى تخريب الواحة التى يقال إنه قطع كل نخيلها غير واحدة تركها لتكون علامة تدل على المكان، وما كاد يحرز النصر حتى جعل قابس