عاصمة له وبسط نفوذه على كل افريقية بما فى ذلك تونس التى سبق له الاستيلاء عليها سنة ٦٠٠ هـ (= ١٢٠٣ م) وبذلك أصبح لزامًا على الناصر الذى حكم من ٥٩٦ هـ حتى ٦٠٩ (= ١١٩٩ - ١٢١٣ م) أن يعيد فتح كل القسم الشرقى من هذه المملكة فحارب يحيى بن غانية وهزمه هزيمة نكراء قرب قابس فى ربيع الأول سنة ٦٠٢ هـ (أكتوبر ١٠٢٥ م) واستولى على البلدة مرة ثانية لكنها آلت فى النهاية إلى قبضة الموحدين الذين كان حكمهم لإفريقية مشرفا على نهايته، ذلك أن أبا زكريا يحيى (٦٢٥ - ٦٤٧ هـ = ١٢٢٨ - ١٢٤٩ م) مؤسس الأسرة الحفصية كان على قابس حين استعمله الخليفة المأمون (٦٢٤ - ٦٢٩ هـ = ١٢٢٧ - ١٢٣٢ م) واليا على كل إفريقية فنجح بفضل المساعدة التى أمده بها عبد الملك بن مكى (اقوى ملاك الأراضى نفوذًا فى البلد) فى اغتصاب تونس من يد أخيه الذى كان قد خلع من الحكم، وكان هذا علامة فارقة تؤرخ مساعدة الحظ فى ظهور نجم بنى مكى الذين استطاعوا فيما بين سنتى ٦٨١ و ٧٩٦ هـ (= ١٢٨٢ - ١٣٦٤ م) أن يجعلوا ما كان من أسرة صغيرة محلية مستقلة: أسرة مستقلة تمام الاستقلال وكان أقوى رجلين بها هما عبد الملك بن مكى وأخوه الذى كان حاكما على "جربة" فاستطاع أن يمد نفوذه منها حتى طرابلس، وكان الأخوان من قبيلة لواته ويهتمان بالعلم حتى نعت كل منهما بالفقيه كما كانا داهيتين إذ نجحا فى كثير من الحالات فى ترك بصماتهما على سياسة بنى حفص التى ساهما فيها مساهمة فعالة استخدماها فيما بعد فيما عاد عليهما بالنفع، وفتح عبد الملك فى رجب ٦٨١ هـ (اكتوبر ١٢٨٢ م) أبواب البلدة للطاغية ابن أبى عمارة (١٣٨٢ - ١٢٨٤ م) وساعداه على تولى أمورها وعرشها ويقال إنه أراد الاعتراف بفضلهما عليه فأنعم على عبد الملك بجميع الجوارى اللائى كن فى قصر السلطان السابق واختاره وزيرًا له مع منحه صلاحيات مالية كبيرة لكن حكم ابن أبى عمارة لم يدم طويلا فعاد عبد الملك إلى اقطاعية قابس فرد عليه الامير أبو زكريا بأن حاصرها فى سنة ١٢٨٦ م وقطع كل ما بها من نخيل على