كبيرا من الاتساع وكثرة الأسواق، فمنارة الجامع الكبير الموجودة فى قلب المدينة القديمة قد تزعزعت ومالت ميلا كبيرا ينذر بالخطر كما أن القصبة وقصر بنى جامع وقصر العروسين التى كانت من الأعاجيب التى لا مثيل لها فى الدنيا لم تعد أكثر من أطلال دراسة (الرحلة ٩٤ - ٩٥) وهواؤها موبوء أكثر من ذى قبل ووجوه أهلها شاحبة، وتكثر بها الأوبئة بسبب ورد "الدفلا" الذى يفسد مجاريها المائية باستثناء نبعين هما عين الأمير وعين سلام (باللام المفتوحة المخففة).
ثم نأتى إلى مطلع القرن السادس عشر لنطالع تفاصيل جديدة واردة فى كلام ليو الافريقى (الحسن بن الوزان) الذى زار تونس عام ١٥١٧ م فيقول عنها "إنها لا تزال بلدة كبيرة ولا تزال أسوارها تكتنف المدينة العتيقة، ولكنها تدهورت من جراء النهب الذى أصابها على أيدى العرب كما تفرق أهلها فى الواحات، ثم يصفهم بأنهم "سود البشرة، ويحترفون الزراعة أو صيد الأسماك ويعيشون فى فقر مدقع وفى خوف مستمر من ناحية العرب ومن ملك تونس "ومختصر القول" إن خراب المدينة كان تامًا. ولا نرى أية إشارة فيما كتبه ليو الافريقى (الحسن بن الوزان) إلى كثرة فاكهتها أو صناعاتها أو صادراتها التى كانت تصدها إلى شتى النواحى. كما خلا كتابه تماما من أية إشارة إلى نشاط مينائها أو أسواقها، فقد أدى عدم استتباب الأمن بها إلى توقف تجارتها بما فيها التجارة المارة عبر الصحراء التى تركت آثارها على بشرة سكانها الذين عمهم الفقر نتيجة تزاوجهم بالرقيق الأسود.
ولم يستطع جيرين (فى منتصف القرن التاسع عشر) الاستدلال على أى أثر للأسوار القديمة ولم يتبق شئ سوى الأخصاص أو العشش القديمة فى "منزل" و"جارة" وهى كما يقول لافيت وسيرفونيه لا يمكن أن تسمى بالبيوت. وأصبح أهالى "منزل" لا يزيدون عن ثلاثة آلاف وخمسمائة نسمة. أما أهالى "جارة فأربعة آلاف