وهكذا بدأ حكم قتيبة الذى استمر هناك لمدة عشر سنوات، وقد ساهم خلالها فى نشر الإسلام فيما يعرف الآن بأفغانستان وآسيا الوسطى (أى الجمهوريات الإسلامية المستقلة التى كانت ضمن الاتحاد السوفيتى السابق) والذى شكّل أحد موجات التوسع العربى الذى كان السمة المميزة لخلافة الوليد بن عبد الملك.
ويرجع الفضل إلى مواهب قتيبة الإدارية التى ساندتها سلطة الحجاج فى توطيد حكم العرب فى خراسان.
إن الوضع المميز للإيرانيين فى خراسان كان أحد العوامل التى ساعدت على نجاح قتيبة هناك، فضلا عن استغلاله لمواهبهم الإدارية. وقد كان مسجلًا فى الديوان خلال عهده حوالى ٧٠٠٠ من الموالى الذين يتقاضون رواتب منتظمة، وكذلك احتاج قتيبة، بالإضافة إلى هذه القوات النظامية، إلى جمع جنود مرتزقة من مدن خراسان وذلك من أجل حملاته الربيعية والصيفية فى أسيا الوسطى، ولقد أشار الطبرى إلى هذه القوات المؤقتة التى جاءته من أهل بخارى وخوارزم الذين حاصروا سمرقند فى سنة ٩٣ هـ/ ٧١٢ م. وقام قتيبة أيضًا بترك مهمة جمع الجزية للدهاقنة الفرس المحليين (أى من سكان البلاد) فضلا عن وضع الحاميات العربية فى بخارى وسمرقند وربما فى كاث بخوارزم أيضًا.
أما بالنسبة إلى القبائل العربية فى خراسان فقد قام قتيبة بتنظيمها على غرار ما كان متبعًا فى البصرة حيث قسمهم إلى خمس مجموعات هى الأزد وتميم وأهل العالية وبكر وعبد القيس، ومثل هذا التقسيم قد ذكر لأول مرة خاول فترة حكمه هذه. وقد قام (جب) Gibb بتقسيم الحملات العسكرية التى خاضها قتيبة إلى أربع مراحل: الأولى استعادة بادغيس وطخارستان فى سنة ٨٦ هـ/ ٧٠٥ م، والثانية فتح بيكند وبخارى وأخذها من الصغد المحليين فيما بين عامى ٨٧ - ٩٠ هـ/ ٧٠٦ - ٧٠٩ م، والثالثة توطيد سلطة العرب فى وادى جيحون وتأمين خوارزم وسمرقند فيما بين عامى ٩١ - ٩٣ هـ/