إلى ذهن الشاعر- ولذلك فهو يلتزم بمبدأ "الأغراض" أى الموضوعات التى لها صلة بالمعانى وتتطابق معها هذه المعانى.
أما الصور البلاغية التى تأتى بعد ذلك فهو يرى فيها مجرد زخارف تناسب المعنى أو هى توليفات ناجحة للعناصر الأربعة المكونة للشعر.
ويكشف قدامة عن قدر كبير من البراعة فى تصنيفه لهذه الصور البلاغية. أما عن الباب الذى عالج فيه عيوب الشعر فنرى قدامة يدرس الأخطاء الناتجة عن الاستخدام السيئ للعناصر الأربعة فرادى ومجتمعة. وهو بذلك يبين لنا كيف أن الصور البلاغية قد يساء استخدامها. وثمة ملاحظات أساسية نلاحظها على طريقة معالجته، منها:
(أ) اهتمامه بالفلسفة اليونانية ويظهر ذلك فى طريقة تحليله لوظائف الفضائل الأربع: العقل، الشجاعة، العدل، العفة فى ألوان الشعر من مديح ورثاء وهجاء، ولكن لا توجد مع ذلك شواهد تدل على أنه تأثر بكتاب "فن الشعر" أو كتاب "فن الخطابة" لأرسطو.
(ب) دفاعه عن الغلو، إذ يرى أن أحسن الشعر أكذبه.
(جـ) عدم اهتمامه بالشعراء العباسيين الأوائل أو "المحدثين".
وكان قدامة يعتمد على سابقيه من المؤلفين على عكس ما يبدو لنا للوهلة الأولى. فقد تابع خطى ابن قتيبة وابن المعتز على التوالى حين ناقش "اللفظ" و"المعنى" بوصفهما عنصرين مستقلين وحين ميز بين الاستخدام السليم والاستخدام الخاطئ للصور البلاغية، فقد اعتمد على ابن المعتز وعلى النقاد الأوائل فى اختياره للمصطلحات والأمثلة. غير أن نظريته فريدة فى نوعها، تلك النظرية التى بنى عليها الاطار العام لفكرته، وكذلك تطوير هذه النظرية فى جوانب عديدة منها، غير أن المنظومة التى أقامها لم تقدم أساسًا صحيحًا لنظرية فى الأدب وسرعان ما طواها النسيان.