للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المناقضة ما ظهر من جانب الخلفاء أنفسهم من أنهم قاموا بأداء الحج.

ويذكر ناصر خسرو الذى زار القدس سنة ٤٣٩ هـ (١٠٤٧ م) أن المسلمين فى فلسطين الذين عجزوا عن الحج تجمَّعوا فى القدس وكأنهم قد انجزوا "الوقوف" بحضرة اللَّه جل جلاله على جبل عرفات المقدس. وإن هذه الرواية التى يُدْلَى بها فى بعض الأحيان لدعم نظرية جولدتسيهر يجب أن تفسر فى ظل مفهوم إسلامى أوسع من هذا المفهوم، ونعنى بذلك أن هذا "الوقوف" كان يحدث فى بعض مدن الولايات الأخرى كالبصرة والفسطاط، ويطلق عليه اسم "التعريف" وهى كلمة مشتقة من كلمة "عرفات". (انظر ابن تغرى بردى، جـ ١ ص ٢٠٧)، لكن الحافز الحقيقى الكامن وراء بناء قبة الصخرة فى الموقع الذى هى فيه وبالصورة التى هى عليها إنما كان دافعًا دينيًا، بالإضافة إلى تعريف العرب بأن المنشآت العظيمة تعتبر الشاهد الناطق على عظمة الحكام، ونرى أن رجاء بن حيوة من أهل بيسان الذى وكل إليه الإشراف على عمليات البناء كما يقول صاحب الأنس الجليل، ص ٢٤١، كان من أبرز محدثى الشام، وكان رجلًا ورعًا تقيًا زاهدًا كما هو وارد فى التهذيب لابن حجر جـ ٣ ص ٢٦٦. وكان هو وأمثاله من المؤيدين لهذا العمل. ثم إن إيثار الإسلام لهذه البقعة بالذات يبين فى وضوح أن الإسلام وحده -دون سواه- هو الوريث الوحيد للديانات التى سبقته. يضاف إلى ذلك أن الرخام الرائع المحلى بفصوص الجواهر والزينات المتنوعة كلها إتمام وتصديق لما جاء فيما بشرت به التوراة عن قدس المستقبل، وهى نبوءات أصبحت معروفة للمسلمين (ابن الفقيه جـ ٥ ص ٩٧ فى BGA) حتى إنهم أدخلوها فى الأوصاف الأسطورية التى وصفوا بها هيكل سليمان (شرحه، ص ٩٩)

وتتفق المصادر الإسلامية واليهودية على السواء على أن اليهود كانوا يقومون بالخدمة فى هذه الناحية، إذ كانوا يتولون نظافة الهيكل وإسراج قناديله بل وصناعة القناديل الزجاجية،