المدمرة فلم تسلم منهم فلسطين، لكن لا توجد ثمة إشارة على وصول هذه الغارات إلى بيت المقدس.
إن عدم قيام حكومة مركزية قوية أثناء القرن الثالث الهجرى (التاسع الميلادى) إلى جانب ظروف أخرى مثل الاعتداءات البيزنطية على التخوم الإسلامية والتى بلغت ذروتها على يد الإمبراطور "نقفور فوكاس" الثانى فى سنة ٩٦٤ م حتى راح يتباهى بتهديده بالاستيلاء على القدس وانتزاعها من يد المسلمين، . . . كل ذلك أدّى إلى وقوع مصادمات بين شتى الطوائف الدينية المختلفة، فقد تم الاستيلاء على نصف الساحة الخارجية للقبر المقدس وأنشئ مكانها مسجد عرف فيما بعد بمسجد عمر، وذلك تأكيدًا بأن الخليفة صلَّى هنا. وكان ذلك ردًا على الدعاوى المسيحية، كما أنه جرى بعد قليل من هذا الحادث، وفى يوم حدّ السعف عام ٩٣٨ هـ, أن هوجم احتفال مسيحى وأضرمت النار فى القبر المقدس، على أن سوء الأوضاع فى هذا العصر بلغ ذروته فى أحداث عام ٣٥٥ هـ (= ٩٦٦ م) مما حمل بطرك القدس على أن يلتمس من والى مصر العبد الحبشى كافور الاخشيدى أن يتدخل بنفسه لوقف تجاوزات والى القدس الظالم حين فرض على النصارى مطالب مالية جائرة فبادر كافور الاخشيدى وبعث من ناحيته ضابطا تركيا لحماية النصارى ولكن واليه القاسى لم يتزحزح قيد أنملة عن موقفه الذى تمثل فى تحريكه الرعاع ضد البطرك حين ألزمه -يوم الاحتفال بأحد السَّعف- على أن يدفع أكثر مما جرت العادة بدفعه فى مثل هذا اليوم، وترتب على ذلك أن امتدت يد النهب إلى القبر المقدس وغيره من الكنائس وأشْعِلَتْ فيها النيران حتى لقد اغتيل البطرك ذاته فقتل وأحرق جثمانه. وإذا كان يحيى ابن سعيد الانطاكى هو الذى يروى هذا الخبر فإنه يضيف إليه أن اليهود بزّوا المسلمين فى تدمير المبانى المقدسة، ولكن هذا الأمر يبدو من الأمور المستغربة إذا أخذنا بعين الاعتبار ضعف موقف اليهود فى بيت المقدس لكن ربما وجدنا تفسيرًا لهذا العمل من