يجعلون خدماتهم فى تناول تجارة الأقمشة بين القاهرة والقدس على أن الأخيرة بلغت من التقدم الاقتصادى درجة طيبة (lyoitein a mediterranean society, ٢٩٢ - ٢٩٤)
وكان بعض الوافدين الجدد من القادرين على شراء الدور والمخازن التى يعيشون من دخل ايجاراتها، هذا إلى جانب وجود غيرهم إلى جانبهم ممن كانوا يسعون فى الوقت ذاته إلى المتاجرة والربح، إلا أنهم كانوا يكثرون من الشكوى من "تقطع أسباب الحياة والمعيشة فى القدس ويقولون إنها ازدادت مضايقة"، وقول بعضهم "لقد جاء الكثيرون إلى هنا أغنياء فأضحوا فى زمرة الفقراء وذلك لبعد المدينة بعدًا شاسعًا عن أسواق التجارة العالمية" وكان مما يأخذونه على الوضع فرض الضرائب الباهظة على غير المسلمين، وربما أيضًا على كل الأجانب، وأصبح اليهود مدينين للمسلمين يدفعون لهم فوائد عالية حتى أصبحت المدينة غاصة بالفقراء lyoitein: of cit. ٩٦ - ٩٧
وكانت القدس محط رحال كثير من علماء المسلمين الذين جاء بعضهم للتدريس والبعض الآخر للدراسة (انظر ياقوت جـ ١ ص ٥١٦، ٨٥٩، ٨٨٧، وابن عساكر جـ ١ ص ٣٩٧ جـ ٢ ص ٥٤، جـ ٣ ص جـ ٤ ص ١٥٣، ١٥٤ إلخ.).
على أنه من الأمور التى تستلفت النظر هو ورود ذكر "البصرة" فى معجم الأدباء لياقوت مائة وسبعين مرة ومعلها دمشق فقد وردت مائة مرة، على حين أن القدس لم يرد ذكرها إلا مرة واحدة أما الأغانى للأصفهانى فقد خلت خلوًا تامًا من ذكرها، ولذلك تجسّر المقدسى (ص ١٦٧) حين يقول إن المسجد الذى يعتبر مدرسة كان فارغًا من الناس وليس فيه من مدرسين ولا خدم. وليس من شك فى أنه كان مبالغًا فى هذا القول، وما تحسب أنه قال ما قال إلا بدافع من حبه الشديد لمدينته التى هى مسقط رأسه.
وقد زارها العالم الجليل الغزالى سنة ٤٨٨ هـ (= ١٠٩٥ م) حين أراد أن يعتزل الناس وآثر الوحدة فكانت القدس منتجعه، وقد أصبحت المدينة