الطرف الَقْبلى للبقاء والخلود eternity والأبد هو الطرف البعدى لها. وأساسًا، لابد أن يكون الأزل والأبد متماثلين فى اللَّه سبحانه وتعالى حيث (إن أبده عين أزله)، لأنهما يعنيان أن طرفى النقيض النسبيين اللذين هما البداية والنهاية كلاهما "منقطعان" عن اللَّه (انقطاع الطرفين الإضافيين عنه). لأنهما صفات سلبية بالنسبة لذات اللَّه (انظر فخر الدين الرازى، تفسير أسماء اللَّه الحسنى، سورة الأعراف، الآية ١٨٠؛ وأزلى وقديم مصنفان بين الصفات الحقيقية والسلبية. إذ تعد صفته "الأول" على أنها صفة حقيقية، مصحوبة بعلاقة ونفى "صفة حقيقية مع الإضافة والسلب". وهو قديم بمعنى أزلى، أى غير مسبوق، وهو فى الوجود قبل أى تصور عقلانى للبداية الأولى (قبل تعقل الأولية)، وبمعنى أبدى أى الدائم (بعد تعقل الآخرية). ويخرج إلى النور من بين هذه التعريفات العديدة مفهومان، ما قبل السرمدية، وما بعد السرمدية. والأول هو البقاء إلى ما لا نهاية (لا نهاية له) ويمتد تجاه الماضى، أو تجاه المستقبل (ويعرف فى أى الحالين على أنه (اللايزال). ويثير هذا الترتيب كثيرًا من الصعوبات أمام حل مشكلة خلق العالم، فهو يطرح تصور الزمان اللانهائى قبل لحظة هذا الخلق، والثانى تصور فلسفى بدرجة أكثر حيث أن هذين اللونين من السرمدية ليسا سوى تصورين سلبيين لجأ إليهما الفكر التأملى ليفهم فكرة السرمدية بالنسبة للزمان، ولكن الذى لا يتوافق مع حقيقة الزمان اللانهائى فى المعنيين الاثنين هو: أنهما نسبيان لأسلوب الفكر المنتمى إلى الروح البشرية التى -كما يشير الرازى- لا يمكن أن تدرك بذاتها خارج نطاق الزمان، والحقيقة المحجوبة خلف هذه التصورات الخيالية هى أن "بقاء اللَّه بذاته" يعنى وجودًا غير متأثر بالزمان، والصفة الزمانية كلية.
وبالتالى، إلى ماذا يرمز القِدَم؟ من ناحية الاشتقاق يجب أن يرتبط هذا المصطلح بالأزل، لأنه جذر معبر عن