فكرة الأسبقية، ويقول لسان العرب عنه ما يقوله التهانوى نفسه عن الأزل:"إنه نقيض الحدوث". ويشرحه ابن منظور أيضا من خلال جذور عَتَقَ، وسَبَقَ (أن تتقدم فى سباق). والواقع أنه يجب ملاحظة أن فكرة الأسبقية فى الزمان أو المكان متصلة باستحقاق التفوق، كما قد يظهر من القَدَمِ المادى، ومن استخدامه القرآنى: قَدَم صدق (سورة يونس، الآية ٢) التى يفسرها الزمخشرى على أنها سبق وفضل ومنزلة رفيعة، وأولوية، ومنزل عَلَّىٌ، يعده اللَّه للمؤمنين، وفى شرح آخر هى هدية مسبقة قد أعدها اللَّه لهم بفضله وكرمه (قد سبق لهم عند اللَّه خير) الأمر الذى يوحد الفكرتين الاثنتين للأسبقية، وسمو الإتحافات الالهية، وقد يلاحظ بدرجة أكثر بالنسبة لقَدَم (بمعنى "خطوة"، من حيث حقيقة أنها تكون إلى أمام الآخرين، أى أسبقية) حتى أن لسان العرب، وكذلك القرطبى فى تفسيره يقتبس كل منهما بيتًا من شعر ذى الرمة يقول فيه:
وقد يكون الافتراض معقولا بأن جذر ق - د - م، يستخدم ليفيد أسبقية اللَّه. بل ليفيد سموه الوجودى على كل الأشياء، وعلينا أن نوضح أن ذلك ليس أسبقية وسموًا نسبيًا إزاء الآخرين، كما هى حال "المفاخرة" التى تفيد المنافسة، لكنها الصفات الفائقة المطلقة، وبهذا المعنى يقول لسان العرب: فى أسماء اللَّه تعالى المُقِدَّمُ: هو الذى يقدم الأشياء ويضعها فى مواضعها، أى الخلود المطلق، ويكتب القاضى عبد الجبار، فى شرح الأصول الخمسة، أنه وفق مبادئ اللغة يكون مصطلح "قديم" هو "ما تقدم وجوده" ويستشهد بالآية ٣٩ من سورة يس: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} حيث يقارن اللَّه عز وجل، القمر بسعفة نخل قديمة (كالعرجون القديم)، أما كلمة قِدَم،