للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخلافة سنة ٦٣٤ م فلما مات انتقلت إلى ابنته حفصة التى كانت زوجة للنبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-].

وتثير هذه الرواية عن جمع القرآن عدة نقاط تعد بمثابة مفاتيح للبحث سواء من معناها الظاهرى الواضح أو من خلال فحواها وتحليل مضمونها مما يُعيننا على فهم تاريخ القرآن الكريم. وهذه النقاط هى:

- أن محمدا [-صلى اللَّه عليه وسلم-] لم يترك -عند موته- نصا مكتوبا بشكل كامل.

- وأن شيئا من القرآن الكريم لم يَضِعْ أو يسقط.

- وأن القرآن الكريم كان فى البداية محفوظا فى الصدور (بطريقة شفهية).

- وأن ما كان مكتوبا من القرآن كان على مواد خام غير الصحف، كاللخاف والجريد. . إلخ.

- وأن أول تجميع رسمى هو ذلك الذى تم فى عهد الخليفة الأول أبى بكر الصديق، وهو أول تجميع كامل. وتردد كتابات المسلمين هذه الرواية التاريخية باعتبارها حقائق، كما تردد هذه النقاط (النتائج) باعتبارها مسلمات، ومع هذا فثمة قضايا مهمة أثيرت حول هذه النقاط. فالبخارى يشير إلى أن عمر بن الخطاب هو أول من جمع القرآن، وقد ردد ذلك الباحث فنسنك Wensick وبيرتون Burton (١) .

وهناك روايات أخرى تفيد أن أبا بكر هو الذى بدأ جمع القرآن لكنه لم


(١) الرواية التى أوردها البخارى لا تفيد ذلك وإنما تفيد أن عمر بن الخطاب هو أول من أشار بجمع القرآن وفيما يلى النص كما أورده البخارى بإسناده عن زيد ابن ثابت: أرسل إلىَّ أبو بكر عند مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده قال أبو بكر رضى اللَّه عنه: إن عمر أتانى، فقال: إن القتل قد استحرَّ يوم اليمامة بقرَّاء القرآن، وإنى أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن. فيذهب كثير من القرآن، وإنى أرى أن تأمر بجمع القرآن، قلت لعمر: كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال عمر: هذا واللَّه خير، فلم يزل عمر يراجعنى حتى شرح اللَّه صدرى لذلك ورأيت فى ذلك الذى رأى عمر، قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا تتهمك وقد كنت تكتب الوحى لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فتتبع القرآن فاجمعه، فواللَّه لو كلَّفونى نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علىّ مما امرنى به من جمع القرآن. قلت كيف تفعلون شيئًا لم يفعله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: هو واللَّه خير، فلم يزل أبو بكر يراجعنى حتى شرح اللَّه صدرى للذى شرح له صدر أبى بكر وعمر رضى اللَّه عنهما، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبى خزيمة الأنصارى، لم أجدها مع غيره {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ} حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبى بكر حتى توفاه اللَّه، ثم عمر إلى آخر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر رضى اللَّه عنها. (المترجم)