أما أُبىّ بن كعب (المتوفى ١٨ هـ/ ٦٣٩ م أو ٢٩ هـ ٦٤٩ م) فقد شهد العقبة الثانية وبايع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وشهد بدرًا وأحدا والغزوات كلها ولما أسلم أصبح من كتاب الوحى وكان أحد فقهاء الصحابة وأقرأهم لكتاب اللَّه وكان يفتى فى عهد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- واشترك فى جمع القرآن على عهد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وشهد مع عمر بن الخطاب يوم الجابية وكتب كتاب الصلح لأهل القدس، وكانت صُحف أُبىّ فى بعض الأحيان تُذكر بدلا من صحف حفصة، وقد ذكرت الروايات أن أبيا هذا قد أتلف مصحفه (نسخته) استجابة لأمر عثمان بن عفان رضى اللَّه عنه بينما رفض ابن مسعود كما سبق أن وضحنا، وهذا مثال يُبين من منظور تاريخى كيف أن أهل الشام تخلوا عن قراءتهم (قراءة أُبىّ) بينما رفض أهل الكوفة التخلى عن قراءتهم (قراءة ابن مسعود) وهذا يفسر تأخير تاريخ وفاة أبىّ فى بعض الأحيان كما يفسر الأقوال المتناقضة فيما يتعلق بدوره فى جمع النص القرآنى الرسمى (فى عهد عثمان رضى اللَّه عنه). أما أبو موسى عبد اللَّه الأشعرى (توفى ٤٢ هـ/ ٦٦٢ م أو بعد ذلك) فقد كان يمنيا حقق شهرة بسبب ترتيله الفصيح للقرآن الكريم. ويقال إن مصحفه (قراءته) كانت مقبولة فى البصرة حيث ولاه عمر بن الخطاب عليها ويقال إن قراءته ظلت معمولا بها فى البصرة لفترة بعد اعتماد نسخة عثمان بن عفان رضى اللَّه عنه، ووفقا لبعض الروايات فإن أبا موسى طلب من أتباعه عند وصول مندوب عثمان بن عفان حاملا منه النسخة المعتمدة من القرآن الكريم ألا يحذفوا من مصحفه شيئا (أى مصحف أبى موسى) حتى لو لم يجدوه فى مصحف عثمان، أما ما وجدوه فى مصحف عثمان ولم يجدوه فى مصحفه (مصحف أبى موسى) فليضيفوه. لذا فإن بعض الروايات تذكر أن مصحف أبى موسى الأشعرى كان ضخما وأنه كان يحتوى على السورتين الزائدتين فى مصحف أُبىّ، بالإضافة لآيات