محكمة مثل قوافى الشعر العربى، ولو أن بعض قصار السور، وبعض أجزاء السور الطويلة، تتحلى بقافية متسقة إلى حد بعيد، إذا وقف القارئ بالتسكين عند نهاية كل منها أى إذا تجاهل حركات الإعراب القصيرة فى نهاية الآيات. فنجد مثلًا أن الآيات الثلاث التى تتكون منها سورة الكوثر تنتهى بحرف الراء الذى يمكن اعتباره الروىّ إذا وضعنا السكون عليه، وقس على ذلك الآيات الأربع لسورة الإخلاص التى تنتهى بالدال، وسورة الفيل التى تنتهى باللام المسبوقة بياء فى أربع من آياتها والمسبوقة بواو فى الخامسة، وسورة المسد التى تنتهى بالباء، باستثناء الآية الأخيرة التى تنتهى بالدال، وسورة القمر التى تنتهى آياتها الخمس بالراء أو الراء المشدودة، التى تسبقها حركة قصيرة. ولكن معظم السور تتميز بلون غير صارم من السجع أو التوافق الصوتى للألفاظ. وأكثر صور هذا التوافق على الإطلاق هو الياء والنون أو الواو والنون، وهما وحدتان صوتيتان يعتبرهما العلماء من الوحدات التى يجوز استعمالها بالتبادل، والوحدتان تنشآن من نهايات الجمع للأسماء والأفعال. ولكننا نجد أن هذه النهايات نفسها، وهى كثيرة الشيوع فى العربية، كثيرًا ما يدخل عليها التعديل حين تسبقها حروف ساكنة منوعة.
وقس على ذلك ضروب أخرى من نهايات الكلمات التى استوفاها الباحثون وحددها السيوطى فى كتابه الإتقان (جـ ٢ - ٩٦ - ١٠٥) بأشكال صرفية معينة لألفاظ اللغة العربية، وأحدث بحث فى تأثير السجع على البناء القرآنى العظيم هو الذى كتبه ف. ر. مولر f.r. muller بالألمانية عام ١٩٦٩ بعنوان بحث فى النثر المسجوع فى القرآن وعنوانه بالألمانية هو:
wntersuchungen zur reimprasa in koran
وقد ذهب البعض إلى المغالاة فى تقدير قيمة الدور الذى يضطلع به السجع فى القرآن، ولكن الذين يقولون إن القرآن ليس كتابا مسجوعا يقيمون حجتهم على أسس أشد صلابة. فلا شك أن بعض قصار السور تتضمن آيات قصيرة، ذات جرس إيقاعى، وذات