المسيحية فى مدينة الروم (اليونان أو آسية الصغرى) ثم فروا من تلك المدينة وأووا إلى كهف، وكان معهم كلب عجزوا عن إبعاده، وناموا فى هذا الكهف، ثم جاء الملك الوثنى داقيوس (ويسمى أيضا داقينوس وداقيانوس) ومعه أتباعه للقبض عليهم، ولكن لم يستطع أى واحد منهم دخول الكهف، فبنى عليهم داقيوس باب الكهف ليموت الفتية جوعًا وعطشًا ونسى الناس أمرهم بعد ذلك. وفى يوم من الأيام. بعث أحد الرعاة برجاله وأمرهم بفتح الباب ليتخذ من الكهف حظيرة لغنمه،
ولما دخل رجاله الكهف لم يروا أول الأمر الفتية الذين بعثهم الله فى الأجل الذى ضربه ليقظتهم، وعند ما استيقظوا كانوا لا يزالون يملؤهم الفزع والرعب من الخطر الذى نجوا منه. فعمدوا إلى الحيطة وبعثوا باحدهم إلى المدينة ليشترى لهم طعامًا، ولم يعرف بائع الطعام النقود التى دفعها إليه الفتى، فساقه إلى الملك وهناك تبين كل شئ: فقد نام الفتية ثلاثمائة سنة وتسعا، وكانت الوثنية قد انقرضت خلال هذه المدة وحلت النصرانية محلها. وفرح الملك بأصحاب الكهف فرحًا عظيمًا لأن بعثهم أيد عقيدة دينية كان البعض يشك فى صحتها، وهى أن الناس يبعثون بالجسد والروح معًا. ولم يكد الفتى يعود إلى الكهف ثانية حتى ضرب الله على آذانهم مرة أخرى، فشيدوا فى ذلك المكان كنيسة.
ولعل فيما ذكرناه الكفاية، غير أننا نريد أن نورد رواية أخرى تنسب إلى وهب بن منبه (الطبرى، طبعة ده غويه جـ ١، ص ٨٧٨, وما بعدها: ابن الأثير طبعة تورنبرغ، جـ ١، ص ٢٥٤ وما بعدها) وتقول هذه الرواية "إنه جاء حوارى من أصحاب عيسى إلى تلك المدينة وأراد أن يدخلها فقيل له إن على بابها صنما، لا يدخلها أحد حتى يسجد له، فلم يدخلها وأتى حمامًا قريبًا من المدينة فكان يعمل فيه، فرأى صاحب الحمام البركة على قدومه، وعلقه الفتية فجعل يخبرهم خبر السماء والأرض وخبر الآخرة حتى آمنوا به وصدقوه. فكان على ذلك حتى جاء ابن الملك بامرأة فدخل بها الحمام فعيره الحوارى فاستحيا، ثم رجع مرة أخرى فعيره فسبه وانتهره، ودخل الحمام ومعه