للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المرأة فماتا فى الحمام. فقيل للملك: إن الذى بالحمام قتلهما، فطلبه الملك فلم يجده، فقال: من كان يصحبه؟ فذُكر له الفتية فطلبهم فهربوا إلى الكهف مع صاحب لهم وتبعهم كلبهم أيضًا".

ثم تتفق هذه الرواية مع الروايات الأخرى فى بقية القصة. وقد زادت المصادر التى أوردت هذه القصة كثيرًا من المعلومات التاريخية والجغرافية غير أن الكثير منها متناقض، وبعضها لم يتيسر تعليله حتى الآن تعليلًا مقبولًا. وسنتكلم الآن على أهم هذه المعلومات فنقول: إن الملك الوثنى الذى اضطهد النصارى كان يسمى داقيوس (٢٤٩ - ٢٥١). أما الملك النصرانى الذى بعث الفتية فى عهده فهو الملك تيودوسيوس الثانى (٤٠٨ - ٤٥٠) وهذا لا يتفق مع ما ورد فى القرآن من أن أصحاب الكهف لبثوا فى كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعًا (١). ولا مع الروايات الأخرى التى تذهب إلى اْنهم لبثوا فيه ٣٧٢ عامًا. وهناك أمر آخر عظيم الأهمية هو معرفة المدينة التى حدثت فيها هذه القصة. تقول المصادر الغربية إنها حدثت فى مدينة أفسوس Ephesus وتتفق معها فى هذا بعض المصادر الشرقية أيضًا. على أن العرب يعرفون مدينتين بهذا الاسم: إحداهما المدينة المعروفة، والأخرى مدينة عربسوس القديمة فى كبادوكيا وكانت تسمى أيضا أبسوس وتسمى اليوم بربوز. فهل كانت مدينة أبسوس هذه هى المسرح الذى وقعت فيه تلك الحوادث الحقيقية أو التى أوحى بها الخيال؟

أما ده غويه فيؤيد هذا الرأى معتمدًا على براهين استمدها من الكتب التى تقول بذلك. وفى الحق إن بعض الرحالة قالوا إنهم رأوا فى مدينة أبسوس هذه


(١) الذى ألاحظه أن عبارة دائرة المعارف الإسلامية كعبارة أكثر المفسرين تعتبر أن قوله تعالى {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} خبر عن مدة مكث اهل الكهف فى كهفهم منذ دخلوه إلى أن استيقظوا.
ولكنى أفهم غير ذلك وأقول إن قوله (ولبثوا الخ) معمول لقوله (سيقولون ثلاثة إلخ) فهو من مقول السائلين وليس خبرا من الله تعالى ولذا اتبع ذلك القول بقوله (قل الله أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل).
وعلى ذلك فالقرآن لم ينص على عدد أهل الكهف ولا على المدة التى مكثوها فيه قبل أن يعثر عليهم -بل أمر الله رسوله أن يقول عن عددهم (ربى أعلم بعدتهم) وأن يرد عليهم حين يقولون (ولبثوا فى كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا) بقوله (الله أعلم بما لبثوا) وقد ورد هذا القول عن ابن عباس.
عبد الوهاب النجار