وقد يعنى هذا أن عبد شمس ونوفل قد أصبحا أقوياء نتيجة للنجاح التجارى. ومن الواضح، أن بنى عبد شمس على الرغم من أنهم ليسوا متفقين فى الرأى تمامًا مع الأحلاف، إلا أنهم أقاموا معهم علاقات تجارية وطيدة. وإن كان فى كل قصص العصر الجاهلى هذه عنصر أسطورى معترف به، إلا أن الخلاصة الأساسية للأحداث صحيحة على ما يظهر حتى ولو كانت معظم التواريخ غير مؤكدة. ولم يقطع رجل انتسابه إلى عشيرته بعد إسلامه، وفى كثير من أحداث حياة محمد عليه الصلاة والسلام، والفترة حتى سنة ١٣٢ هـ/ ٧٥٠ م، يمكن أن نرى تأثير الخصومات أو التحالفات القديمة. وفى فترة متأخرة أى فى عصر معاوية الأول، وجه الحسين بن على (من بنى هاشم) نداءً ضد الظلم إلى حلف الفضول، واستجاب له رجالات تيم، وزهرة وأسد استجابة قلبية مخلصة (ابن هشام، ص ٨٦ وما بعدها). وكان القادة المهزومون فى موقعة الجمل فى سنة ٦٥٦ م، من تيم وأسد. وبطبيعة الحال، كان هناك تغييرات فى القوة والثروة بالنسبة للعشائر. فقد ارتفع شأن عشيرة عبد شمس من خلال الأسرة الأموية الحاكمة، حيث إن أمية هو ابن عبد شمس؛ وقد مثل الشيعة الأوائل، والعباسيون بعدئذ، خصوم هذه العشيرة، وفى ظل الخلفاء الراشدين الأربعة، والأمويين قام رجال من قريش بدور بالغ الأهمية فى تنظيم وإدارة الإمبراطورية، ولولا براعتهم فى هذه المجالات ما بقيت غالبا هذه الإمبراطورية.
وعند وفاة محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، أراد واحد من الأنصار أن يكون أمير جماعة المسلمين، ولكن عمر رضى اللَّه عنه أقنع الأنصار بقبول أبى بكر رضى اللَّه عنه خليفة، على أساس أن القرشى وحده هو الذى يستطيع السيطرة على الدولة متعددة القبائل. وهناك دلالات على أن الأنصار قد تأثرت مشاعرهم من هذه المسألة لبضعة عقود من السنين (انظر Watt فى مجلة The Moslem World, العدد ٤٢ سنة ١٩٥٢ م، ص ١٦١، ١٦٤). وقد ورد حديث شريف هو "الأئمة من قريش" (على سبيل المثال، ابن حنبل: المسند، جـ ٣، ص ١٢٩، ١٨٣؛ جـ ٤،