يفوقونهم عددا تراجعوا وطلبوا اللجوء عند جهينة. ولما سألهم الجهينيون لماذا قاتلوا فى شهر رجب الحرام، برر المسلمون ذلك بالإشارة إلى أنهم طُرِدوا من الحرم (مكة) فى الشهر الحرام.
تبدو الأقوال عن مشاركة جهينة فى مواجهات النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] الأولى مع قريش صحيحة، وتؤكدها رواية أوردها الطبرانى، تذكر أن أولى القبائل التى قاتلت مع النبى كانت جهينة.
تشير بعض الأحاديث المنسوبة إلى النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] إلى تحول بضع جماعات من جهينة ومن أَسْلَم (وهى مجموعة أخرى من قضاعة) إلى الإسلام فى فترة مبكرة، وتقدم هذه الأحاديث هؤلاء فى الفضل على قبائل أسد وغطفان وتميم وعامر بن صعصعة وهى قبائل كبيرة (انظر مثلا الحميدى، المسند، ط. حبيب الرحمن العظمى، بيروت - القاهرة ١٣١٨ هـ جـ ٢، رقم ١٠٤٨).
شاركت جهينة بقوة كبيرة قوامها ٨٠٠ راجل و ٥٠ راكبا (أو ١٤٠٠ مقاتل طبقا للطبرى، التاريخ، جـ ٣ ص ٦٥) فى فتح مكة.
وظلت جهينة على ولائها للإسلام بعد وفاة النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-](انظر الواقدى ١١٢٢). كما شاركت جهينة مع مجموعات أخرى من قضاعة فى فتح مصر. واستقر بعضهم فى الفسطاط (راجع ابن عبد الحكم، فتوح مصر، ط تورى، نيو هافن، ١٩٢٢, الفهرس). وقد عاش الجهينيون فى منفلوط وأسيوط، وبعد اشتباكات مع مجموعات قبلية أخرى هاجروا إلى أخميم فى عهد الفاطميين، وأصبحوا إحدى القبائل العربية فى مصر (انظر المقريزى، البيان والإعراب عما فى أرض مصر من الأعراب، طبعة عبد المجيد عابدين، القاهرة ١٩٦١. وانظر أيضًا أبحاث عابدين فى نفس المرجع ص ٧٧ - ٧٨).
وفى القرن الثامن الهجرى (الرابع عشر الميلادى) تغلغلت مجموعات من جهينة فى مملكة النوبة المسيحية وسيطروا عليها ثم واصلوا زحفهم جنوبا إلى السودان حيث امتزجوا