الطلاب الحريصون على أن يأخذوا عنه، وكان مجلسه واسع الشهرة.
ومن بين فروع اللغة التى نمت من قبل كان التأليف المعجمى هو الذى اجتذب موهبته بنوع خاص، مع أنه كان يقال إن أبا زيد كان يفوقه فى النحو، وأن الخليل يئس منه فى تلقى العروض (انظر ابن جنى: الخصائص، ص ٣٦٧).
وثمة روايات عدة عن الظروف التى جاءت بالأصمعى إلى بغداد وبلاط هارون الرشيد، ففى رواية رواها المرزبانى ونقلها عنه اليافعى (جـ ٢، ص ٦٦) أنه لقى الخليفة من قبل فى البصرة. وقد استقدمه محمد الأمين وهو ولى للعهد ثم قدمه للخليفة الوزير الفضل بن الربيع (تاريخ بغداد، جـ ١٠، ص ٤١١) ويقول الجهشيارى (الوزراء، ص (١٨٩) إن الذى قدمه الخليفة هارون الرشيد هو جعفر بن يحيى البرمكى. وقد اْغدق البرامكة عليه النعم الجزيلة (انظر ابن المعتز كتابه المذكور، ص ٩٨) على أن هذا لم يمنعه من هجائهم بعد أن حلت النقمة بهم (انظر الجهشيارى، ص ٢٠٦) وقد جعلته صلته الوثيقة بجعفر يخشى على حياته نفسها حين علم بسقوط جعفر سنة ١٨٧ هـ (٨٠٣ م؛ وانظر الجهشيارى ص ٢٠٦). وفى رأى الأصمعى أن إسحاق بن إبراهيم الموصلى غريمه فى البلاط كان أكثر منه نجاحًا فى الحصول من الخليفة على جوائز عاجلة لقاء زكانته (انظر الأغانى، الطبعة الأولى، جـ ٥، ص ٧٧؛ الحصرى: زهر الآداب، الطبعة الثانية، ص ١٠١٤؛ إرشاد الأريب، جـ ٢، ص ٢٠٥). وقد وردت فى العقد الفريد لابن عبد ربه جملة من النوادر والملح التى كان الأصمعى يروّح بها عن الخليفة، والظاهر أن الأصمعى عاد إلى البصرة بعد وفاة الخليفة هارون الرشيد. وجاء فى شاهد منقطع أنه توفى فى مرو (انظر ابن خلكان، رقم ٣٨٩).
وقد شاعت بين تلاميذ الأصمعى وفى أوساط البصرة والكوفة المعنية عدة قصص رواها هو أو رويت عنه ووجدت سبيلها إلى الأخبار الأدبية.