للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حصارا قاسيا ومرت قفسة منذ ذلك الحين بوقت عصيب وقامت بعض المحاولات لاستخلاصها من أيدى الموحدين، منها محاولة مخاطر أرمنى الأصل يدعى قراقوش وكذلك بنو غانية الذين رفضوا الاعتراف بأنها غلبت، لكن ردها المعز استجابة لالتماسات سكانها الذين كانوا مدفوعين فى هذا الرجاء بما كانوا يحسونه من الكراهية تجاه الحاكم الموحدى الذى فتكوا به، فجاء الخليفة أبو يعقوب يوسف من مراكش فحاصر المدينة بنفسه (سنة ٥٧٥ هـ = ١١٨٠ م) ولكن لم يطل خضوعها إذ سرعان ما وقعت فى أيدى بنى غانية وحينذاك حاصرها المنصور بجيش كبير (٥٨٣ هـ = ١١٨٧/ ٨ م) وأسرف فى عقابها وهدم حصونها وسواها بالأرض ثم أذن لسكانها بالبقاء وإبقاء أراضيهم فى أيديهم ليقوموا بزراعتها على أن يقاسمهم غلتها.

لم تكن المدينة أسعد حظا زمن الحفصيين فقد اغتصبها سنة ٦٨١ هـ (٦٨١ - ٦٨٣ هـ = ١٢٨٢ - ١٢٨٤ م) لكنها استعادت استقلالها المسلوب زمن أسرة محلية هى أسرة بنى العابد الذين كانوا يؤثرون السيادة العربية ويميلون إلى العرب. أما أبو بكر الحفصى (٧١٨ - ٧٤٧ هـ = ١٣١٨ - ١٣٤٧ م) الذى اتسمت الفترة الأولى من حكمه المضطربة ضياع الولايات الجنوبية من يده فقد حاصر قفسة سنة ٧٣٥ هـ (١١ - ١١٣٥ م) واستردها ثم سلمها لولده أبى العباس ليحمها. كما حاول استمالة سكانها إليه فأكثر من منح ذوى الحاجة منهم الأراضى لكن البلدة ما لبثت أن استردت استقلالها الذاتى مرة أخرى زمن أحمد بن عمر بن العابد ولده محمد.

وفى زمن السلطان العثمانى سليمان القانونى (١٥٢٠ - ١٥٦٦ م) استعمل واليا من قبله على طرابلس نجح فى الاستيلاء على قفسة يوم ١٧ صفر ٩٦٤ هـ (= ٢٠ ديسمبر ١٥٥٦ م) لكن لم تتحسن أحوالها بل أخذت تزداد تدهورا بسبب ما تعانيه من غارات البدو نتيجة ضعف الحكومة المركزية