إن كل سكان قفسة من البربر، وإن أغلبهم يتكلمون باللسان اللاتينى الافريقى".
واجتاح الفتح الإسلامى الأول أسوار قفسة عام ٢٧ هـ (= ٦٤٧ م) بعد مصرع القائد جريجورى ثم ما لبث عقبة بن نافع أن استولى عليها ثم عاد الحسن بن النعمان فاستردها عام ٧٨ هـ (= ٦٩٧ م) بعد أن كانت قد تخلصت هى وكل الشمال الافريقى من حكم العرب، فلما كانت نهاية القرن الثانى للهجرة ومستهل القرن الثالث كثر الخوارج من لواتة وزواغة ومكناسة وشاركوا فى سنة ٢٢٤ هـ (= ٨٣٩ م) فى الفتنة التى عمت إقليم قسطيلية، ولكن عاقبهم الأمير الاغلبى أبو عقال أفظع عقاب وأخذهم بالشدة.
وتبعا لما يقوله الشماخى فى كتابه "السير" فقد كان للإمام عبد الوهاب (١٦٨ - ٢٠٨ هـ = ٧٨٤ - ٨٢٣ م) عامل على قفسة، مما ندرك معه أنه كان جابى الخراج وأنه كان يجمعه حسبما نص عليه القرآن الكريم ويرسله سرا إلى تاهرت لأن المدينة لم تكن أبدا من الناحية السياسية جزءا من الدولة الرستمية.
وبعد أن ظلت قفسة أكثر من قرن من الزمان تحت سلطان الفاطميين ثم انتقلت إلى الزيريين.
أصبحت عاصمة لدولة صغيرة مستقلة استقلالا حقيقيا تشتمل على كل قسطيلية التى هى اليوم الجريد ولقد غير الغزو الهلالى من التركيبة العنصرية للسكان، كما أخذت سلطة الحكومة المركزية فى الانهيار وعمت الفوضى كل النواحى فاستغل حاكم البلد الزيرى عبد اللَّه بن محمد هذه الظروف ونادى بنفسه أميرا مستقلا عليها وأعلن استقلاله (٤٤٥ - ٤٦٥ هـ) واستطاع بدفعه الفرضة لبدو العرب الذين تحالف معهم أن يدعم سلطاته ويؤمن دولته ويجذب إلى بلاطه الشعراء والفقهاء.
على أن حكم الموحدين الذين وحدوا كل المغرب قضى على استقلال قفسة إذ استولى عليها عبد المؤمن بن على سنة ٥٥٤ هـ (= ١١٥٩ م) بعد أن حاصرها