هذه الحركة تتمثل فى خلق دولة واحدة تضم الدول العربية بأكملها. ولكن دعاة هذه الفكرة كانوا يعنون بها العراق ولبنان وسوريا، وهى جميعا تعد دولا جديدة، تحت الانتداب الإنجليزى أو الفرنسى -وتلك أيضا كانت فترة اهتم فيها دعاة القومية العربية بتحديد معنى الأمة العربية جغرافيا وأيديولوجيا. أما عن مصر فكانت فى ذلك الحين خارج دائرة اهتمامات القومية العربية لإنهاكها فى مشكلة علاقاتها ببريطانيا- ثم طرأ عامل خارجى جديد هو مشكلة فلسطين، ومع ذلك فإننا نجد اليوم -وبعد مرور أربعين عاما- أن آمال الوحدة العربية لم تتحقق فبدلا من أن تكون دولة عربية موحدة إذا بنا نرى عدة دول عربية.
ولعل القومية العربية كانت حركة تعويضية لدى العرب وذلك على مستويين: أولا بوصفها حركة رد فعل ضد الهيمنة العثمانية التى طال أمدها ولم يكن من الممكن أن تبزغ فى ظلها مسألة الهوية القومية. ثانيا بوصفها رد فعل ضد الأوضاع الجغرافية والسياسية التى أملتها القوى الأوربية على آخر الامبراطوريات الإسلامية بعد تفككها فى عام ١٩٢٠ م (المقصود الدولة العثمانية)، فالقومية قد زودت العرب بعامل دَفْع يدفعهم إلى التكامل ضد تفتت الواقع السياسى. ونظرا لأن المجتمعات العربية لم تمر بتجربة إضفاء الطابع العلمانى على الهوية السياسية وعلى الحياة والمفاهيم على نحو ما حدث لأوربا فى بداية العصور الوسطى، فإن مفهوم "الأمة - الدولة" وحركة القومية عند العرب ظلت امتدادا وترجمة لثقافة سياسية هى فى جوهرها ذات أساس دينى - فقد ظل أبناء هذه القومية على وعى دائم بهويتهم الإسلامية. وكانت القومية العربية محاولة لبث الوعى بالهوية العربية وزاد عدد الدول العربية المستقلة ذات السيادة فى الفترة الأخيرة، مما خلق اتجاها قويا وبالتالى اتجهت الايديولوجية القومية نحو نوع من ترشيد العواطف الإسلامية، وأصبحت بذلك بمثابة عاطفة تعمل على جمع الشمل فى مواجهة التهديدات