الأجنبية أو ضد الأعداء. ولقد بزغ من الشروط الأولية لقيام القومية شرط أساسى إبان القرن التاسع عشر الميلادى وهو الوعى التاريخى أو الإقرار بوجود خصوصية للعرب من ناحية ووجود فوارق بينهم وبين الآخرين (أى غير العرب) من ناحية أخرى -حدث ذلك مع التغلغل الأوربى السريع والقوى فى الشرق بصوره المختلفة من عسكرية واقتصادية وسياسية، كما حدث نتيجة لتأثير الأفكار السياسية والمؤسسات التى صاحبت هذا التغلغل. ونتيجة لهذه اليقظة أو النهضة بزغت أفكار تدعو إلى إحياء اللغة العربية كما تدعو إلى الإصلاح الدينى وذلك فى مواجهة الحداثة الأوربية -وكانت هذه النهضة- بمختلف صورها زادًا لقيام معارضة إسلامية أولا ثم عربية فيما بعد -ضد الحكم الأجنبى وكان ذلك بدوره تمهيدا للمطالبة بحق تقرير المصير- كذلك كان الإصلاح الحديث داخل الدولة العثمانية ذاتها، والذى أدى إلى تبنى الطبقات الحاكمة التركية لاتجاهات القومية، مبتعدين بذلك ابتعادا تاما عن مفهوم "الأمة" إلى هذا الإصلاح ذاته- أدى إلى قيام حركات انفصالية فى العالم العربى بلغت أوجها فيما حدث من ثورة الحجاز العربية بتشجيع من بريطانيا ضد الخليفة العثمانى فى الحرب العالمية الأولى والأهم من ذلك ما طرأ من تطور على حكومات لدول ذات طابع حديث نسبيا وذلك فى العديد من الولايات العربية مما شكل أساسا يسمح بقيام استقلال قومى محلى. كما أن نشأة الصفوة الوطنية واهتمامها بتطوير الأنظمة الحكومية وتشريعاتها ونظم التعليم والاقتصاد والسير بها فى اتجاه علمانى: كل ذلك أعطى دفعة قوية لهذا الاتجاه القومى -وأيًّا ما كان الأمر فإن التجربة لم تكن فى عديد من الدول العربية متماثلة بل أدت إلى وجود تفاوت وفروق فيما بينها مما زاد من صعوبة تحقيق آمال وحدة القومية العربية.
إن القومية العربية تفترض ضمنا وجود أمة عربية، وتفترض تضامنها وخصوصيتها ووحدتها غير أن كل هذه الافتراضات الضمنية تقوم على أساس دينى فى جوهرها، هو الإسلام واللغة